للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

: تَحَاجَّتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ) تخاصَمَتا بلسانِ المقال (١) أو الحال (فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول، بمعنى: اختصَصتُ (بِالمُتَكَبِّرِينَ وَالمُتَجَبِّرِينَ) مترادفان لغةً، فالثَّاني تأكيدٌ لسابقه، أو المتكبِّرُ (٢) المتعظِّمُ بما ليس فيه، والمتجبِّرُ (٣) الممنوعُ الَّذي لا يوصلُ إليه، أو الَّذي لا يكترثُ بأمرِ ضعفاءِ النَّاسِ وسقطِهم (وَقَالَتِ الجَنَّةُ: مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ) الَّذين لا يلتفتُ إليهم لمسكنتِهِم (وَسَقَطُهُمْ) بفتحتين، المحتقرونَ (٤) بين النَّاسِ السَّاقطونَ من (٥) أعينهِم؛ لتواضُعهِم لربِّهم وذلَّتِهم (٦) له (قَالَ اللهُ ولأبي ذرٍّ: «﷿» (لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: «أنت رَحمة» وسمَّاها رحمة؛ لأنَّ بها تظهرُ رحمته تعالى، كما قاله (أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي) وإلَّا فرحمةُ اللهِ من صفاتهِ الَّتي لم يزَل بها موصوفًا (وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابٌ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «عَذابِي» (أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا) بالهاء في الفرع كأصله، وفي نسخة: «منكُما» (مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ) في مسلم: «حتَّى يضعَ الله رجلهُ»، وأنكر ابن فُورك لفظ: «رجله» وقال: إنَّها غيرُ ثابتةٍ. وقال ابنُ الجوزيِّ: هي تحريفٌ من بعض الرُّواة، ورُدَّ عليهما برواية الصَّحيحين بها، وأوِّلت بالجماعةِ: كرجلٍ من جرادٍ، أي: يضعُ فيها جماعةً وأضَافهم إليه إضافةَ اختصاصٍ. وقال محيي السُّنَّة: القدمُ والرِّجلُ في هذا الحديث من صفاتِ الله تعالى المنزَّهَة عن التَّكييفِ والتَّشبيهِ، فالإيمانُ بها فرضٌ والامتناعُ عن الخوضِ فيها واجبٌ، فالمهتدِي من سلكَ فيها طريقَ التَّسليم، والخائضُ فيها زائغٌ، والمنكرُ معطِّلٌ، والمكيِّفٌ مشبِّهٌ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] (فَتَقُولُ) النَّار إذا وضعَ رجلهُ فيها: (قَطٍْ قَطٍْ قَطٍْ) ثلاثًا بتنوينها مكسورة ومسكَّنة (٧)، وعند أبي ذرٍّ مرتين فقط كالرِّوايتين السَّابقتين


(١) في (ب): «القال».
(٢) في (م): «التكبر».
(٣) في (م): «التجبر».
(٤) في (م): «المحقرون».
(٥) في (م): «في».
(٦) في (د): «وذلهم».
(٧) في (د): «ومنونة».

<<  <  ج: ص:  >  >>