للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الغرانيق العُلا، وإنَّ شفاعتهنَّ لتُرْتجى (١)، فقال المشركون: ما ذكر آلهتنَا بخيرٍ قبل اليومِ، فسجدَ وسجدوا، فنزلت آية: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى﴾ الاية [الحج: ٥٢]. وقد روي من طرقٍ ضعيفةٍ ومنقطعةٍ، لكنَّ كثرة الطُّرق تدلُّ على أنَّ لها أصلًا، مع أنَّ لها طريقينِ مرسلين رِجالهما على شرطِ الصَّحيحِ، يحتجُّ بهما من يحتجُّ بالمرسلِ، وكذا من لا يحتجُّ به لاعتضادِ بعضها ببعضٍ، وحينئذٍ فيتعيَّنُ (٢) تأويلُ ما ذكرَ (٣)، وأحسنُ ما قيل: إنَّ الشَّيطان قال ذلك محاكيًا نغمةَ النَّبيِّ عندما سكتَ النَّبيُّ ؛ بحيثُ سمعهُ من دنَا إليه، فظنَّها من قوله وأَشاعها، ويؤيِّدهُ تفسير ابن عبَّاس «تمنَّى» بـ «تَلا» (٤)، وأمَّا قول الكرمانيِّ: وما قيل: إنَّ ذلك كان سببًا لسجودِهم؛ فلا صحَّة له عقلًا ولا نقلًا، فهو مبنيٌّ على القول ببطلانِ القصَّةِ من أصلها، وأنَّها موضوعةٌ، وقد سبقَ ما في ذلك، والله الموفِّقُ (وَ) سجد معه (الجِنُّ وَالإِنْسُ) ذِكْرُ الجنِّ والإنسِ بعد «المسلمون» الصَّادق بهما؛ ليدفَع توهُّم اختصاصهِ بالإنسِ.

(تَابَعَهُ) أي: تابع عبد الوارثِ (ابْنُ طَهْمَانَ) بفتح المهملة وسكون الهاء، ولأبي ذرٍّ: «إبراهيمُ بن طَهمان» فيما وصلهُ الإسماعيليُّ (عَنْ أَيُّوبَ) السَّخْتِيانيِّ (وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عُلَيَّةَ) بضم العين المهملة وفتح اللام والتحتية المشددة، إسماعيل في تحديثه عن أيُّوب (ابْنَ عَبَّاسٍ) بل أرسلهُ، ولا يقدحُ ذلك في الحديث؛ لاتِّفاق عبد الوارثِ وابن طهمانَ على وصلهِ، وهما ثقتان.

وسبقَ الحديث في «أبوابِ السُّجود»، في «باب سجود المسلمين مع المشركين» [خ¦١٠٧١].


(١) في (ص): «شفاعتهم لترجى».
(٢) في (ب): «فتعين».
(٣) هذه الأخبار منكرة باطلة، وقد نصَّ على بطلان ذلك جماعة من الأئمَّة، ينظر: «تفسير ابن كثير» و «القرطبيِّ»، وغيرهما، عند [الآية: ٥٢] من (سورة الحج).
(٤) في (ج) و (ص): «بيتلى».

<<  <  ج: ص:  >  >>