للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهنا يظهر عدم استواء وجوه الاختلاف على أبي إسحاق فيه لأنَّ الرِّوايات المختلفة عنه لا يخلو إسنادٌ منها عن مقالٍ غير طريق زهيرٍ وإسرائيل، مع أنَّه يمكن ردُّ أكثر الطُّرق إلى رواية زهيرٍ، وقد تابع زهيرًا يوسفُ بنُ إسحاق كما سيأتي، وهو يقتضي تقديم رواية زهيرٍ (أَنَّهُ) بفتح الهمزة بتقدير المُوحَّدة، أي: الأسودَ (سَمِعَ عَبْدَ اللهِ) بن مسعودٍ (يَقُولُ: أَتَى النَّبِيُّ الغَائِطَ) أي: الأرض المطمئنَّة لقضاء حاجته، فالمُرَاد به: معناه اللُّغويُّ (فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ) أي: فأمرني بإتيان ثلاثة أحجارٍ، وفي طلبه الثَّلاثةَ دليلٌ على اعتبارها، وإلَّا لَمَا طلبها، وفي حديث سلمان: نهانا رسول الله أن نكتفيَ بدون ثلاثة أحجارٍ كما (١) رواه مسلمٌ وأحمد، قال عبد الله بن مسعود (٢) : (فَوَجَدْتُ) أي: أصبت (حَجَرَيْنِ، وَالتَمَسْتُ) أي: طلبت الحجر (الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ) بالضَّمير المنصوب، أي: الحجرَ، ولأبي ذَرٍّ: «فلم أجد» بحذفه (فَأَخَذْتُ رَوْثَةً) زاد ابن خزيمة في روايةٍ له في هذا الحديث: أنَّها كانت روثة حمارٍ (فَأَتَيْتُهُ) (بِهَا) أي: بالثَّلاثة (فَأَخَذَ) (الحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ) بكسر الرَّاء، أي: رِجْسٌ، كما في رواية ابن خزيمة وابن ماجه في هذا الحديث، أو طعام الجنِّ، وعُزِيَ للنَّسائيِّ، أو الرَّجيع رُدَّ من حالة الطَّهارة إلى حالة النَّجاسة، قاله الخطَّابيُّ، وذكَّر إشارة (٣) الرَّوثة باعتبار تذكير الخبر، على حدِّ قوله تعالى: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ [الأنعام: ٧٨] وفي بعض النُّسخ: «هذه ركسٌ» على الأصل، فإن قلت: ما وجه إتيانه بالرَّوثة بعد أمره له بالأحجار؟ أُجِيب بأنَّه قاس الرَّوث على الحجر بجامع الجمود، فقطع قياسه بالفرق أو بإبداء المانع، ولكنَّه ما قاسه


(١) «كما»: سقط من (ص) و (م).
(٢) في غير (ب) و (س): «أبو هريرة»، وهذا خطأٌ.
(٣) في غير (ب) و (س): «ضمير».

<<  <  ج: ص:  >  >>