للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شحمة الأذن إلى شحمة الأذن عرضًا، وفيه: تأخير غسل الوجه عن السَّابق، كما دلَّ عليه العطف بـ «ثمَّ» المقتضية للمُهْلة والتَّرتيب احتياطًا للعبادة؛ لأنَّ اعتبار أوصاف الماء لونًا وطعمًا وريحًا يُدرَك بالبصر والفم والأنف، فظهر سرُّ تقديم المسنون على المفروض (وَ) غسل (يَدَيْهِ) كلَّ واحدةٍ (إِلَى) أي: مع (المَِرْفَِقَيْنِ) بفتح الميم وكسر الفاء، وبالعكس، لغتان مشهورتان، غسلًا (١) (ثَلَاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ) وسقط «ثمَّ» لغير الأربعة، ولم يذكر عددًا للمسح كغيره، فاقتضى الاقتصار على مرَّةٍ واحدةٍ، وهو مذهب أبي حنيفة ومالكٍ وأحمد لأنَّ المسح مبنيٌّ على التَّخفيف، فلا يُقَاس على الغسل؛ لأنَّ المُراد منه المُبالَغَة في الإسباغ. نعم روى أبو داودَ من وجهين صحَّح أحدَهما ابنُ خزيمةَ وغيره في (٢) حديث عثمان: تثليث (٣) مسح الرَّأس، والزِّيادة من العدل مقبولةٌ، وهو مذهب الشَّافعيِّ، كغيره من الأعضاء، وأُجِيب بأنَّ رواية المسح مرَّةً إنَّما هي لبيان الجواز (ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ) غسلًا (ثَلَاثَ مِرَارٍ إِلَى) أي: مع (الكَعْبَيْنِ) وهما العظمان المرتفعان عند مفصل (٤) السَّاق والقدم (ثُمَّ قَالَ) عثمان : (قَالَ رَسُولُ اللهِ : مَنْ تَوَضَّأَ) وضوءًا (نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا) أي: مثله، لكن بين «نحو» و «مثل» فرقٌ من حيثُ إنَّ لفظ: «مثل» يقتضي المُساواة من كلِّ وجهٍ، إلَّا في الوجه الذي يقتضي التَّغاير بين الحقيقتين، بحيث يخرجان عن الوحدة، ولفظ: «نحو» لا يقتضي ذلك، ولعلَّها استُعمِلت هنا بمعنى: «المثل» مجازًا، أو (٥) لعلَّه لم يترك ممَّا يقتضي المثليَّة إلَّا ما لا يقدح في المقصود، قاله ابن دقيق العيد، قال البرماويُّ في «شرح العمدة»: وإنَّما حملَ «نحو» على معنى «مثل» مجازًا،


(١) «غسلًا»: سقط من (ب) و (د) و (ص).
(٢) في (د): «من».
(٣) في (د) و (ص): «بتثليث».
(٤) في (ص): «منفصل».
(٥) في (ص): «و».

<<  <  ج: ص:  >  >>