للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا المقام لأنَّ العبرة بعموم اللَّفظ لا بخصوص السَّبب على ما عُرِفَ في محلِّه، ثمَّ إنَّ ظاهر الحديث يقتضي أنَّ المغفرة لا تحصل بما ذُكِرَ من إحسان الوضوء، بل حتَّى تنضافَ إليه الصَّلاة، قال ابن دقيق العيد: الثَّواب الموعود به يترتَّب على مجموع الوضوء على النَّحوِ المذكور، وصلاة الرَّكعتين بعده به، والمترتِّب (١) على مجموع أمرين لا يترتَّب على أحدهما إلَّا بدليلٍ خارجٍ، وقد أدخل قومٌ هذا الحديث في فضل الوضوء، وعليهم في ذلك هذا السُّؤال، ويُجَاب بأنَّ كون الشَّيء جزءًا فيما يترتَّب عليه الثَّوابُ العظيم كافٍ في كونه ذا فضلٍ، فيحصل المقصود من كون الحديث دليلًا على فضيلة الوضوء، ويظهر بذلك الفرق بين حصول الثَّواب المخصوص وحصول مُطلَق الثَّواب، فالثَّواب المخصوص يترتَّب على مجموع الوضوء على النَّحوِ المذكور، والصَّلاة الموصوفة وفضيلة (٢) الوضوء قد تحصل (٣) بما دون ذلك. انتهى. وفي حديث أبي هريرة الصَّحيح «إذا توضَّأ العبد خرجت خطاياه … » الحديثَ (٤)، وفيه: أنَّ الخطايا تخرج مع (٥) آخر الوضوء حتَّى يفرغ من الوضوء نقيًّا من الذُّنوب، وليس فيه ذكر الصَّلاة، وأُجِيب بأنَّه (٦) يُحمَل حديث أبي هريرة عليها، لكن يبعده أنَّ في روايةٍ لـ «مسلمٍ» من حديث عثمان : «وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلةً»، وأُجِيب باحتمال أن يكون ذلك باختلاف الأشخاص، فَرُبَّ متوضِّئٍ يحضره من الخشوع ما يستقلُّ وضوؤه بالتَّكفير، وآخرُ عند تمام الصَّلاة، والله تعالى أعلم.


(١) في (ص) و (م): «المُرتَّب».
(٢) في (ص) و (م): «فضل».
(٣) في (د): «يحصل».
(٤) الحديث أخرجه مسلم (٢٤٥)، وغيره.
(٥) في غير (س): «من».
(٦) في (ب) و (س): «بأن».

<<  <  ج: ص:  >  >>