للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا ما روى ابنُ إسحاق عن بعضِهم: أنَّ النَّبيَّ قال -وذكرَ جواره بحراءٍ- قال: «فجاءَني وأنا نائمٌ فقال: اقرأ» وذكر نحو حديثِ عائشة في غطِّه له وإقرائه: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ [العلق: ١]. قال: فانصرفَ عنِّي وهَبَبْتُ من نَومي كأنَّما صوِّرت في قَلبي، ولم يكنْ أبغضُ إليَّ من شاعرٍ أو مجنونٍ، ثمَّ قلت: لا تَحدَّث (١) عنِّي قريشٌ بهذا أبدًا، لأعمدنَّ إلى حالقٍ من الجبلِ فلأطرحنَّ نفسي منه فلأقتلنَّها.

فأجاب عنه القاضِي: بأنَّه إنَّما كان قبلَ لقائهِ جبريل وقبل إعلامِ الله له بالنُّبوَّة وإظهارهِ واصطفائهِ بالرِّسالة. نعم، خرَّج الطَّبري من طريقِ النُّعمان بن راشدٍ، عن ابنِ شهاب: أنَّ ذلك بعد لقاءِ جبريل، فذكر نحو حديثَ البابِ، وفيه: فقال: يا محمَّد؛ أنتَ رسولُ اللهِ حقًّا. قال: «فلقد هممتُ أن أطرحَ نفسِي من حالقِ جبل» أي: علوِّه. وأُجيب بأنَّ ذلك لضعفِ قوَّته عن تحمُّل ما حمَّلهُ من أعباءِ النُّبوَّة وخوفًا (٢) ممَّا يحصلُ له من القيامِ بها من مباينةِ الخلقِ جميعًا، كما يطلبُ الرَّجل الراحة (٣) من غمٍّ يناله في العاجلِ ما يكونُ فيهِ زواله عنه، ولو أفضَى إلى إهلاكِ نفسهِ عاجلًا.

(قَالَ مُحَمَّدُ ابْنُ شِهَابٍ) الزُّهريُّ بالإسنادِ الأوَّل من السَّندين المذكورينِ أوَّل هذا الباب: (فَأَخْبَرَنِي) بالإفراد عروةُ بما (٤) سبقَ، وأخبرني (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بنِ عوفٍ، وسقط «ابنُ عبدِ الرَّحمن» لغير أبي ذرٍّ (أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ وَهْوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الوَحْيِ) ولم يدركْ (٥) جابرٌ زمانَ القصَّة، وهو محمولٌ على أن يكون سمعهُ من النَّبيِّ (قَالَ فِي حَدِيثِهِ: بَيْنَا) بغير ميم (أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ) وفي «بدءِ الوحي»: إذ سمعتُ [خ¦٤] (صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: «رأسِي» (فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ) هو جبريل (جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ


(١) في (د): «يتحدث».
(٢) في (د) زيادة: «له».
(٣) في الأصول: «إلى أخيه» وهو تصحيف.
(٤) في (م): «مما».
(٥) في (م) و (د): «يذكر».

<<  <  ج: ص:  >  >>