للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثَّاني: أنَّ نفيهُ يعمُّ، ونفي الواحدِ قد لا يعمُّ؛ ولذلك صحَّ أن يقال: ليسَ في الدَّار واحد، بل فيها اثنان، ولا يصحُّ ذلك في أحدٍ؛ ولذلك قال الله تعالى: ﴿لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء﴾ [الأحزاب: ٣٢] ولم يقلْ: كواحدةٍ.

الثَّالث: أنَّ (١) الواحد يفتحُ به العدد، ولا كذلكَ الأحد.

الرَّابع: أنَّ الواحد تلحقهُ التَّاء، بخلافِ الأحد.

ومن حيثُ المعنى أيضًا وجوهٌ:

الأوَّل: أنَّ «أحدًا» من حيث الثَّناء أبلغُ من «واحدٍ»، كأنَّه من الصِّفات المشبَّهة التي بُنيت لمعنى الثَّبات، ويشهدُ له الفروق اللَّفظيَّة المذكُورة.

الثَّاني: أنَّ الوحدة (٢) تطلقُ ويرادُ بها عدمُ التَّثنِّي والنَّظير؛ كوحدة الشَّمس، والواحدُ يكثرُ إطلاقهُ بالمعنى الأوَّل، والأحدُ يغلبُ استعمالهُ في الثَّاني ولذلك (٣) لا يجمعُ. قال الأزهريُّ: سُئل أحمدُ بنُ يحيى عن الآحادِ أنَّه جمع أحد، فقال: معاذَ الله! ليسَ للأحدِ جمعٌ، ولا يبعدُ أن يقال: جمع واحدٍ؛ كالأَشهَاد في (٤) جمع شاهدٍ، ولا يفتحُ بهِ الأحد.

الثَّالث: ما ذكرهُ بعضُ المتكلِّمين في صفاتِ الله تعالى خاصَّة؛ وهو أنَّ الواحد باعتبار الذَّات (٥)، والأحدُ باعتبارِ الصِّفات (٦)، وحظُّ العبدِ أن يغوصَ لجَّة التَّوحيد ويستغرقَ فيه حتَّى لا يَرى من الأزلِ إلى الأبدِ غير الواحدِ الصَّمدِ.

قال الشَّيخ أبو بكرٍ بن فَوْرك: الواحدُ في وصفهِ تعالى لهُ ثلاثة معانٍ (٧): أحدُها: أنَّه لا قسم


(١) «أن»: ليس في (د).
(٢) في (د): «الواحدة».
(٣) في (م): «فلذلك».
(٤) «في»: ليس في (د).
(٥) في (د): «الصفات».
(٦) في (د): «الذات».
(٧) في (م) و (ب) زيادة: «حقيقة».

<<  <  ج: ص:  >  >>