بيت نارٍ، ثمَّ عزلَ عمرُ حذيفةَ وولَّى عتبةَ بن فرقدٍ على أَذْربيجان، ولما استعملَ عثمانُ بن عفان الوليدَ بن عقبةَ على الكوفةِ عزلَ عتبةَ بن فرقدٍ عن أَذْربيجان، فنقضوا، فغزاهم الوليدُ بن عتبة سنة خمس وعشرين، وكان حذيفةُ من جملةِ من غزا معه.
(فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي القِرَاءَةِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ) المحمَّديَّة (قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الكِتَابِ) أي: القرآن (اخْتِلَافَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى) في التَّوراة والإنجيلِ، وفي رواية عمارة بن غزيَّة: أنَّ حذيفة قال: يا أميرَ المؤمنين، أدرك النَّاس، قال: وما ذاك؟ قال: غزوتُ فَرْج أرمينية، فإذا أهل الشَّام يقرؤون بقراءةِ أبيِّ بن كعبٍ، ويأتون بما لم يسمعْ أهلُ العراقِ، وإذا أهلُ العراقِ يقرؤون بقراءةِ ابن مسعودٍ، فيأتون بما لم يسمعْ أهل الشَّام، فيكفِّر بعضُهم بعضًا.
وروى ابنُ أبي داود بإسنادٍ صحيحٍ من طريق سويدِ بن غَفَلة قال: قال عليٌّ: لا تقولوا في عثمان إلَّا خيرًا، فوالله ما فعلَ الَّذي فعلَ في المصاحفِ إلَّا عن ملأ منَّا، قال: ما تقولون في هذه القراءةِ؟ فقد بلغني أنَّ بعضهم يقول: قراءتي خيرٌ من قراءتكَ، وهذا يكادُ أن (١) يكون كفرًا. قلنا: فما ترى؟ قال: أرى أنْ تجمعَ النَّاس على مصحفٍ واحدٍ، فلا تكون فرقةٌ ولا اختلافٌ. قلنا: نِعْم ما رأيتَ.
(فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ)﵂(أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ) التي كان أبو بكر أمر زيدًا بجمعها (نَنْسَخُهَا فِي المَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ العَاصِ) الأمويَّ (وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ) وفي كتاب «المصاحف» لابن أبي داود من طريق محمَّد بنِ سيرين اثني عشر رجلًا