للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال في «شرح السنة» في هذا الحديث البيانُ الواضح أنَّ الصَّحابة جمعوا بين الدَّفتين القرآنَ المنزل، من غيرِ أن يكونوا زادوا أو نقصوا منه شيئًا باتِّفاق منهم، من غير أن يقدِّموا شيئًا أو يؤخِّروه، بل كتبوهُ في المصاحفِ على التَّرتيب المكتوبِ في اللَّوح المحفوظِ، بتوقيفِ جبريل على ذلك، وإعلامهِ عند نزولِ كلِّ آيةٍ بموضعها وأين تكتب.

وقال أبو عبد الرَّحمن السُّلَمِيُّ: كان قراءةُ أبي بكر وعمرَ وعثمانَ وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصارَ واحدة، وهي الَّتي قرأها على جبريلَ مرَّتين في العامِ الَّذي قبضَ فيه، وكان زيد شهد العرضةَ الأخيرة، وكان يُقرئ النَّاس بها حتَّى مات، ولذلك اعتمدهُ الصِّدِّيق في جمعه وولَّاه عثمان كتبة المصاحف.

قال السَّفاقِسيُّ: فكان جَمْعُ أبي بكر خوف ذهابِ شيءٍ من القرآنِ بذهابِ حملتهِ؛ إذ (١) لم يكن مجموعًا في موضعٍ واحدٍ، وجَمْعُ عثمان لمَّا كثرَ الاختلافُ في وجوهِ قراءتهِ حين قرؤوا بلغاتهم، حتَّى أدَّى ذلك إلى تخطئةِ بعضِهم بعضًا، فنسخ تلك الصُّحف في مصحفٍ واحدٍ مقتصرًا من اللُّغات على لغةِ قريشٍ؛ إذ هي أرجحُها.

(قَالَ ابْنُ شِهَابٍ) الزُّهريُّ -بالإسناد السَّابق-: (وَأَخْبَرَنِي) بالواو والإفراد، ولأبي ذرٍّ: «فأَخْبرني» بالفاء والإفراد أيضًا (خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ) أنَّه (سَمِعَ) أباه (زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: فَقَدْتُ) بفتح القاف (آيَةً مِنَ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا المُصْحَفَ) أي: في زمن عثمان لا في زمنِ أبي بكرٍ؛ لأنَّ الَّذي فقدهُ في خلافةِ أبي بكر الآيتان من آخرِ (٢) سورة براءة (قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ يَقْرَأُ بِهَا، فَالتَمَسْنَاهَا) أي: طلبناها (فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ) بالمثلَّثة، ابنِ الفاكهِ بنِ ثعلبةَ ذي الشَّهادتين، وهو غيرُ أبي خزيمة بالكنيةِ الَّذي وجدَ معه آخر سورة التوبة (﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: ٢٣] فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الصُّحُفِ) بضم الصاد من غير ميم في الفرع، والَّذي في «اليونينية» بالميم (٣).


(١) في (ص) زيادة: «إنه».
(٢) «آخر»: ليست في (د).
(٣) في (د): «من غير ميم والذي في الفرع بالميم».

<<  <  ج: ص:  >  >>