للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَتَسَاءلُونَ﴾ [المدثر: ٤٠] لكن الَّذي نزل أولًا من سورةِ «اقرأ» خمسُ آياتٍ فقط، أو المرادُ بالأوَّلية بعد الفترة وهي المدَّثر، فلعلَّ آخرها نزلَ قبل نزولِ بقيَّة اقرأ، أو بتقدير: من؛ أي: من أوَّل ما نزلَ (حَتَّى إِذَا ثَابَ) بالمثلثة والموحدة بينهما ألف؛ أي: رجعَ (النَّاسُ إِلَى الإِسْلَامِ) واطمأنَّت نفوسهُم عليه، وتيقَّنوا أنَّ الجنَّة للمطيعِ والنَّار للعاصي (نَزَلَ الحَلَالُ وَالحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ: لَا تَشْرَبُوا الخَمْرَ؛ لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الخَمْرَ أَبَدًا، وَلَوْ نَزَلَ لَا تَزْنُوا: لَقَالُوا لَا نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا) وذلك لمَا طبعَتْ عليه النُّفوس من النَّفرة عن تركِ المألوفِ، فاقتضتِ الحكمةُ الإلهيَّة ترتيب النُّزول على ما ذكر (لَقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ) صغيرةٌ (أَلْعَبُ: ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ [القمر: ٤٦]) من سورةِ القمر الَّتي ليسَ فيها ذكرُ شيءٍ من الأحكامِ (وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ البَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ) المشتملتانِ (١) على الأحكامِ من الحلالِ والحرامِ (إِلَّا وَأَنَا عِنْدَهُ) بعد الهجرةِ بالمدينة، وأرادتْ بذلك تأخُّر نزولِ الأحكامِ، وسقط لأبي ذرٍّ «سورة» فالبقرةُ ومعطوفُها مرفوعان (٢).

(قَالَ: فَأَخْرَجَتْ لَهُ) أي: للعراقيِّ (المُصْحَفَ فَأَمْلَتْ) بسكون الميم وتخفيف اللام وبتشديدها مع فتح الميم، وفي «اليونينية»: بتشديد الميم، فليحرَّر (٣) (عَلَيْهِ آيَ السُّوَرَة) ولأبي ذرٍّ: «السُّور» أي: آياتِ كلِّ سورة، كأن قالت له مثلًا: سورة البقرة كذا كذا آية، وهذا يؤِّيد أنَّ السَّؤال وقعَ عن تفصيلِ آياتِ كلِّ سورةٍ، وقد ذكرَ بعضُ الأئمةِ (٤) آياتِ السُّور مفردة، كابن شيطى والجعبريِّ، وفي مجموعي «لطائفِ الإشارات لفنونِ القراءاتِ» ما يكفي ويشفي.


(١) زيد في (ب): «منه».
(٢) قوله: «وسقط لأبي ذرٍّ سورة، فالبقرة ومعطوفها مرفوعان»: ليس في (د)، وفي (ص) و (م): «مرفوع».
(٣) قوله: «مع فتح الميم، وفي اليونينيَّة بتشديد الميم؛ فليُحرَّر»: ليس في (د).
(٤) في (ص) زيادة: «أن».

<<  <  ج: ص:  >  >>