للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك إن كانَ نسيانهُ عن أمرٍ ديني كالجهاد (وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى) مخاطبًا لنبيِّه : (﴿سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى﴾) أي: سنعلِّمك القرآنَ حتَّى لا تنساهُ (﴿إِلَّا مَا شَاء اللهُ﴾ [الأعلى: ٦ - ٧]) أن ينسخَه (١)، وهذا بشارةٌ من اللهِ لنبيِّه أن يحفظَ عليه الوحي حتَّى لا يتفلَّت منهُ شيءٌ، إلَّا ما شاءَ الله أن ينسخَه فيذهب بهِ (٢) عن حفظهِ برفعِ حكمهِ وتلاوتهِ. وسأل ابنُ كيسانَ النَّحوي جُنيدًا عنه فقال: فلا تنسَى العملَ بهِ، فقال: مثلُكَ يُصدَّر. وقيل: قوله: ﴿فَلَا تَنسَى﴾ على النَّهي، والألف مزيدةٌ للفاصلة، كقوله: ﴿السَّبِيلَا﴾ [الأحزاب: ٦٧] فلا تُغْفل قراءتَهُ وتكريرَهُ فتنساهُ، إلَّا ما شاء الله أنْ يُنْسيكه برفع تلاوتهِ.

واختلفَ في نسيانِ القرآن؛ فصرَّح النَّوويُّ في «الرَّوضة» بأنَّ نسيانه أو شيء منه كبيرةٌ؛ لحديثِ أبي داود: «عُرضَتْ عليَّ ذنوبُ أمَّتي، فلم أرَ ذنبًا أعظمَ من سورةٍ أو آيةٍ أُوتيها رجلٌ ثمَّ نَسِيها».

وأخرج أبو داود من طريق أبي العالية موقوفًا: «كنَّا نعدُّ من أعظمِ الذُّنوب أن يتعلَّم الرَّجل القرآن، ثمَّ ينام عنهُ حتَّى ينساهُ»، واحتجَّ الرُّوياني لذلك بأنَّ الإعراضَ عن التِّلاوة يتسبَّبُ عنه نسيان القرآنِ، ونسيانه يدلُّ على عدمِ الاعتناءِ به والتَّهاون بأمرهِ.


(١) قوله: «أن ينسخه»: ليست في (د).
(٢) «به»: ليست في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>