التحتية، فعيلة بمعنى مفعولة؛ أي: الصَّيد المرمي، يريد أنَّ دخولهم في الإسلام ثمَّ خروجهم منه ولم يتمسَّكوا منه بشيءٍ كالسَّهم الَّذي دخل في الرَّميَّة، ثمَّ يخرجُ منها ولم يعلقْ به شيءٌ منها (لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ) جمعُ حَنْجَرة، وهي الحلقومُ رأس الغَلْصَمة حيثُ تراه ناتئًا من خارجِ الحلقِ؛ أي: أنَّ الإيمان لم يرسخْ في قلوبهم؛ لأنَّ ما وقف عند الحلقومِ فلم يتجاوزهُ لم يصلْ إلى القلبِ، وفي حديث حذيفة:«لا يجاوزُ تراقِيَهم ولا تعيهِ قلوبُهم»(فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ) ظرف لـ «الأجرِ» لا لـ «القتل».
قال الخطَّابي: أجمعَ علماءُ المسلمينَ على أنَّ الخوارج على ضلالتِهم فرقةٌ من فرقِ المسلمينَ، وأجازوا مُناكحتهم، وأكلَ ذبائحهم، وقَبول شهادتهم، وسئل عليٌّ ﵁ عنهم: أكفَّارٌ هم؟ فقال: من الكفرِ فرُّوا. فقيلَ: منافقون هم؟ فقال: إنَّ المنافقينَ لا يذكرونَ اللهَ إلَّا قليلًا، وهؤلاء يذكرونَ الله بكرةً وأَصيلا. قيل: من هم؟ قال: قومٌ أصابتهم فتنةٌ فعَمُوا وصَمُّوا.
وقال الكرْمانيُّ: فإن قلتَ: من أين دلَّ الحديثُ على الجزءِ الثَّاني من التَّرجمة، وهو التأكلُ بالقرآن؟ قلتُ: لا شكَّ أنَّ القراءةَ إذا لم تكن للهِ فهي للمراياةِ (١) والتأكُّل ونحوهما.
وهذا الحديث قد سبق بأتم من هذا في «علاماتِ النُّبوَّة» بعينِ هذا الإسناد [خ¦٣٦١١].