للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الشَّهوةِ، إن حصلت لك مؤنة (١) النِّكاحِ فتزوَّج وإلَّا فصُمْ، ولذا خصَّ الشَّباب (فَإِنَّهُ) أي: التَّزوُّج (أَغَضُّ لِلْبَصَرِ) لأنَّ بعد حصول التَّزويجِ يضعُفُ فيكونُ أغضَّ وأحصنَ ممَّا لم يكن؛ لأنَّ وقوعَ الفعلِ مع ضعفِ الدَّاعِي أندَرُ من وقوعِه مع وجودِ الدَّاعي. أفعلُ (٢) التَّفضيل بمعنى غاضٍّ، أو التَّفضيلُ على بابهِ من غضَّ طرفَهُ إذا خفضَهُ وأغمضَهُ، وكلُّ شيءٍ كففتهُ فقد غضَضتهُ، والمراد بالبصرِ هنا الطَّرفُ المشتملُ عليه لأنَّه الَّذي يضافُ إليه الغضُّ حقيقةً، وللنَّسائيِّ: «فإنَّه أغضُّ للطرفِ» فصرَّح به (وَأَحْصَنُ) أي: أعفُّ (لِلْفَرْجِ) ولم يردْ به أفعل التَّفضيلِ؛ لأنَّه لا يكونُ من رباعيٍّ، كما نبَّه عليه ابنُ فَرْحون، واللَّام في «للبصرِ» و «للفرجِ» للتعديةِ، كما قرَّروه في أفعلِ التَّعجُّبِ؛ نحوَ: ما أضرَبَ زيدًا لعمرو، ولا فرقَ بين البابينِ. قاله في «العدة (٣)». ولم يقلْ في الرِّوايةِ السَّابقة [خ¦٥٠٦٥]: «فإنَّه … » إلى آخرهِ، وهي ثابتةٌ عندَ جميعِ من أخرج الحديث من طريق (٤) الأعمش بهذا الإسناد.

قال في «الفتح»: ويغلبُ على ظنِّي أنَّ حذفها من قِبَلِ حفصِ بن غياثٍ شيخ شيخ البخاريِّ (٥)، وإنَّما آثرَ البخاريُّ روايته على روايةِ غيره لوقوعِ التَّصريحِ فيها من الأعمشِ بالتَّحديثِ، فاغتفرَ له باختصارِ المتنِ لهذه المصلحةِ. انتهى.

(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ) ذهب ابنُ عصفور إلى أنَّ الباءَ زائدةٌ في المبتدأ، والتقديرُ: فعليه الصَّومُ، وضعِّفَ باقتضائهِ حينئذٍ الوجوبُ لأنَّ ذلك ظاهرٌ في هذهِ الصِّيغة ولا قائل به (فَإِنَّهُ) أي: الصَّوم (لَهُ وِجَاءٌ) وعند ابن حبَّان زيادة وهي: «وهو الإخصاءُ» وهي مدرجةٌ لم تقَعْ إلَّا في طريقِ زيد بن أبي أنيسةَ، وفي تفسير الوِجاء بالإخصاء نظرٌ لأنَّ الوِجاءَ -كما مرَّ- رضُّ الأُنثيين، والإخصاءَ سلُّهما، فيحملُ على المجازِ والمسامحةِ لتقاربهما في المعنى.


(١) هو كسابقه.
(٢) في (س): «وهو أفعل».
(٣) في (د): «العمدة».
(٤) في (س): «طرق».
(٥) لفظة: «شيخ» الثانية سقطت من الأصول، وأثبتت من الفتح ليستقيم الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>