للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعتقُ كلُّها، فلا يثبتُ الخيارُ، وكلُّ ما أدَّى ثبوتهُ إلى عدمِه استحال ثبوتهُ، وهذهِ من صورِ الدَّورِ الحكميِّ (١)، وليس في هذا الحديثِ التَّصريح بكون زوجِ بريرةَ عبدًا ولا حرًّا، لكنَّ صنيعَ البخاريِّ يدلُّ على أنَّه يميلُ إلى أنَّه كان حين عتقتْ عبدًا، وعنده في «الطَّلاقِ» من حديث عكرمةَ عن ابن عبَّاس: أنَّه كان عبدًا [خ¦٥٢٨٢] وعند أبي داود والتِّرمذيِّ والنَّسائيِّ وابن ماجه من حديث الأسود عن عائشةَ: أنَّه كان حرًّا، وحملهُ بعض الحنفيَّةِ على أنَّهُ كان حُرًّا عندما خيِّرت، وعبدًا قبل. قال: الحريَّة تعقب الرِّقَّ، ولا ينعكسُ، فمن أخبرَ بعبوديَّته لم يعلَم بحريَّته، ولم يخيِّرها لأنَّه كان عبدًا ولا لأنَّه كان حرًّا، وإنَّما خيَّرها للعتقِ لأنَّ الأمةَ إذا أعتقَتْ لها الخيارُ في نفسِها، سواءٌ كان زوجُها حرًّا أم عبدًا. وقد (٢) أفرد ابن جريرٍ الطَّبريُّ وابنُ خزيمة مؤلَّفًا في الاختلاف: هل كان مغيثٌ حرًّا أم عبدًا؟

وبقيَّةُ مباحثِ هذا يأتي إن شاء الله تعالى في «الطَّلاق» [خ¦٥٢٧٩].

(وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ) في شأنِ بريرةَ، لما أرادَتْ عائشة أن تشتريَها وتُعتقها، وشرط مواليها أن يكون الولاءُ لهم: (الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) الجار والمجرور خبر المبتدأ الَّذي هو الولاءُ، أي: كائنٌ أو مستقرٌّ لمن أعتقَ؛ وبه يتعلَّق حرف الجرِّ، و «مَن»: موصول، و «أعتقَ»: في موضع الصِّلة، والعائد ضميرُ الفاعل.

وسبق في «العتقِ» [خ¦٢٥٦٠] ما في الحديث من المباحث.

(وَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ وَبُرْمَةٌ عَلَى النَّارِ) بضم الموحدة وسكون الراء. قال ابن الأثيرِ: هي القِدْرُ مطلقًا، وجمعها: بِرام، وهي في الأصل المتَّخذةُ من الحجرِ المعروفِ بالحجازِ، والواو في قوله: «وبرمةٌ» للحالِ (فَقُرِّبَ إِلَيْهِ) بضم القاف وتشديد الراء المكسورة (خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ البَيْتِ) جمع إدام؛ كإزارٍ وأُزر، وهو ما يؤكلُ مع الخبزِ أيَّ شيءٍ كان، والإضافةُ إضافة تخصيصٍ (فَقَالَ) : (لَمْ) وللأربعة: «ألم» (أَرَ البُرْمَةَ) أي: على النَّارِ فيها لحمٌ؟ والهمزة للتقرير، والفعلُ مجزومٌ بحذف الألف المنقلبة عن الياء (فَقِيلَ) له : هوَ (لَحْمٌ تُصُدِّقَ


(١) في (د): «الحكمية».
(٢) في (د) و (م): «لذا».

<<  <  ج: ص:  >  >>