للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا الحكمُ (١) لمن أراد إتمام الرَّضاعِ، وعن قتادة: حولينِ كاملينِ، ثمَّ أنزلَ الله اليُسر والتَّخفيفَ فقال: ﴿لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ أراد أنَّه يجوز النُّقصان. وعن الحسن: ليس ذلك بوقتٍ لا ينقصُ منه بعد أن لا يكون في الفطامِ ضررٌ، وقيل: اللَّام متعلِّقةٌ بيرضعنَ، كما تقول: أرضعتُ فلانة لفلانٍ ولده، أي: يرضعنَ حولينِ لمن أراد أن يتمَّ الرَّضاعةَ من الآباءِ لأنَّ الأبَ يجبُ عليه إرضاع الولدِ دون الأمِّ، وعليه أن يتَّخذَ له (٢) ظِئرًا إلَّا إذا تطوَّعتِ الأمُّ بإرضاعهِ، وهي مندوبةٌ إلى ذلك ولا تجبرُ عليه. انتهى.

فقد جعلَ الله تعالى تمام الرَّضاعةِ في الحولينِ، فأشعر بأن الحكمَ بعدهما بخلافهِ لأنَّ الولدَ يستغنِي غالبًا بغير اللَّبنِ، ولا يشبعهُ بعد ذلك إلَّا اللَّحم والخبز ونحوهما. وفي حديثِ ابن مسعودٍ عند أبي داود: «لا رضاعَ إلَّا ما شدَّ العظمَ وأنبتَ اللَّحم» وهو عنده أيضًا مرفوعٌ بمعناه، وقال: «أنشزَ العظمَ».

وقد ورد ظواهرُ أحاديث تمسَّك بها العلماء، فذهب الشَّافعيُّ والجمهور إلى إناطةِ الحكمِ بالحولين بالأهلَّة من تمام انفصالِ الولد. وعن أبي حنيفة إناطتُهُ بحولينِ ونصفٍ. وعن (٣) زفر بثلاثةٍ، وعن مالكٍ بزيادة أيَّام بعد الحولين، وعنه بزيادة شهرٍ وشهرين، ورواية بثلاثةِ أشهرٍ؛ لأنَّه يغتفرُ بعد الحولينِ مدَّة يدمنُ فيها الطِّفلُ على الفِطامِ (٤) لأنَّ العادةَ أنَّ الطِّفلَ لا يفطمُ دفعةً واحدةً بل على التَّدريجِ، وقيل: لا يزادُ على الحولينِ، وهو رواية ابنِ وهبٍ عن مالك، وبه قال الجمهورُ لحديث ابن عبَّاسٍ عند الدَّارقطنيِّ مرفوعًا: «لا رضاعَ إلَّا ما كانَ في الحولينِ»، وللتِّرمذيِّ وحسَّنه: «لا رضاعَ إلَّا ما فتقَ الأمعَاءَ وكان قبلَ الحولينِ».

وأما حديث سَهلة السَّابق بعضهُ في «باب الأكفاءِ في الدِّين» [خ¦٥٠٨٨] أنَّها قالت: يا رسولَ الله، إنَّا كنَّا نرى سالمًا ولدًا، وقد أنزلَ الله فيه ما قد علمتَ، فماذا تأمُرني (٥)؟ فقال: «أرضعِيهِ خمسَ رضعاتٍ يحرمُ بهنَّ عليكَ» ففعلتْ، فكانت تراهُ ابنًا فأجابَ عنه الشَّافعيُّ وغيره بأنَّه


(١) في (ص) زيادة: «بيان».
(٢) «له»: ليس في (ب).
(٣) في (ب): «من».
(٤) في (د): «الطعام».
(٥) في (م): «تأمر».

<<  <  ج: ص:  >  >>