للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَأَعْرَضَ عَنْهُ) (١) من باب الالتفات، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: «عَنِّي» (فَأَتَيْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ) بكسر القاف وفتح الموحدة، أي: من جهةِ وجههِ (قُلْتُ (٢): إِنَّهَا كَاذِبَةٌ. قَالَ) : (كَيْفَ) تصنعُ (بِهَا) أي: بالَّتي تزوَّجتها؟ أو أي فعلٍ تفعلُ بها (وَقَدْ زَعَمَتْ) أي: المرأةُ السَّوداءُ (أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا؟ دَعْهَا) اترُكها (عَنْكَ) أي: على سبيلِ الاحتياطِ والورعِ، لا الحكم بثبوتِ (٣) الرَّضاعِ وفسادِ النِّكاحِ بمجرد قولِ المرضعةِ؛ إذ لم يجرِ بحضرتهِ ترافعٌ وأداءُ شهادةٍ، بل كان ذلك مجرَّد إخبارٍ واستفتاءٍ. نعم لو شهدتِ المرضعةُ عند حاكم قبلتْ، ولو قالت: أرضعتهُ. لأنَّها لم تجرَّ بشهادتِها نفعًا، ولم تدفَع بها ضررًا، بخلافِ شهادتِها بولادتِها لجرِّها نفعَ النَّفقةِ والإرث وغيرهما، ولا نظرَ إلى ما يتعلَّقُ بشهادتِها من ثبوتِ الحرمةِ وحِلِّ الخلوةِ، فإنَّ الشَّهادةَ لا تردُّ بمثل ذلك بدليل قبول شهادة الطَّلاق، وإن استفيدَ بها حِلُّ المناكحة، وليس المراد قبول شهادتِها وحدَها، بل لا تقبل عند الشَّافعيِّ إلَّا مع ثلاثِ نسوةٍ أخرى، وأن لا تكون طالبةَ أجرةٍ على الرَّضاعِ، فإن طلبتها فلا تقبلُ لاتِّهامها بذلك، واستدلَّ به الشَّافعيَّة على أنَّه لو شهدَت واحدةٌ أو أكثر ولم يتمَّ النِّصابُ بالرَّضاعِ فالورعُ للرَّجلِ أن يجتنبها بأن لا ينكِحها إن لم ينكحْها، وأن (٤) يُطلِّقها إن نَكَحها لتحلَّ لغيرهِ، ويكرهُ له المُقامُ معها، وتقبلُ في الرَّضاعِ شهادة أمِّ الزَّوجةِ وبنتها مع غيرِهِما حِسْبةً بلا تقدُّمِ دعوى، وإِنْ احتملَ كون الزَّوجةِ مدَّعيةً لأنَّ الرَّضاعَ تقبل فيه شهادةُ الحسبةِ.

قال عليُّ بنُ عبد الله المدينيُّ: (وَأَشَارَ إِسْمَاعِيلُ) ابن عُليَّةَ (بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى؛ يَحْكِي) إشارة (أَيُّوبَ) السَّخْتِيانيِّ، حيث يحكي فعلَ النَّبيِّ ، حيث أشارَ بيده وقال بلسانهِ: (دَعْهَا عَنْكَ) فحكى ذلك كلُّ راوٍ لمن دونهُ.

وسبقَ الحديث في «كتاب العلم» في «باب الرِّحلة» [خ¦٨٨] وفي «باب شهادة الإماء والعبيد» في «كتاب الشَّهادات» [خ¦٢٦٥٩].


(١) لفظة: «عنه» ليست في متن اليونينية، وإنما هي ثابتة في روايتي الحمويي والمستملي.
(٢) في (م) و (ص) و (د): «فقلت».
(٣) في (ص): «بثبات».
(٤) «أن»: ليست في (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>