للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَأَنْتِ بِحَمْدِ اللهِ نَافِقَةٌ). والحكمةُ في ذلك أنَّه إذا صرَّح تحقَّقت رغبتهُ فيها، فربَّما تكذبُ في انقضاءِ العدَّة، ويحرمُ التَّصريح بها لمعتدَّةٍ من غيره، رجعيَّةً كانت أو بائنًا بطلاقٍ أو فسخٍ أو موتٍ، أو معتدَّةٍ عن شُبهةٍ، لمفهوم هذه الآية والإجماعِ، والرَّجعيَّة في معنى المنكوحة. والتَّصريح: ما يقطعُ بالرَّغبة في النِّكاح، كإذا انقضَت عدَّتُك نكحتك (وَتَقُولُ هِيَ) في التَّعريض: (قدْ أَسْمَعُ مَا تَقُولُ، وَلَا تَعِدُ شَيْئًا) بكسر العين وتخفيف الدال المهملتين، أي: لا تعده بالعقد، وأنَّها لا تتزوَّج غيره مثلًا (وَلَا يُوَاعِدُ) أي: الرَّجل (وَلِيُّهَا) بالرفع فاعلًا (بِغَيْرِ عِلْمِهَا) كذا في الفرع، وفي «اليونينية»: «ولا يُواعدْ» بالجزم على النَّهي «وليَّها» بالنصب على المفعولية (١) (وَإِنْ وَاعَدَتْ) أي: المرأة (٢) (رَجُلًا فِي عِدَّتِهَا، ثُمَّ نَكَحَهَا) تزوَّجها (بَعْدُ) أي: بعد انقضاءِ عدَّتها (لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا) لأنَّ ذلك ليس قادحًا في صحَّة النِّكاح، وإن أثِما.

قال في «الكشاف»: فإن قلت: أيُّ فَرْق بين الكنايةِ والتَّعريض؟ قلتُ: الكنايةُ أن تذكرَ الشَّيء بغير لفظهِ الموضوع له، والتَّعريض أن تذكرَ شيئًا تدلُّ به على شيءٍ لم تذكرْه، كما يقول المحتاجُ للمحتاجِ إليه جئتك لأسلِّم عليك، ولأنظرَ إلى وجهك الكريمِ؛ ولذلك قالوا:

....................... … وحسبُكَ بالتَّسليمِ مِنِّي تَقَاضِيَا

وكأنَّه إمالةُ الكلام إلى عرض (٣) يدلُّ على الغرضِ، ويسمَّى التَّلويح لأنَّه يَلُوحُ منه ما يريدُه. انتهى.

وقال بعضُ أئمَّة الشَّافعيَّة: ولا فرق -كما اقتضاهُ كلامهم؛ يعني: الفقهاء- بين الحقيقةِ


(١) من قوله: «كذا في الفرع … على المفعولية»: ليس في (د).
(٢) «أي المرأة»: ليست في (د).
(٣) في (م): «غرض».

<<  <  ج: ص:  >  >>