للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية أبي ذَرٍّ وابن عساكر في نسخةٍ: «فلم يكونوا يرشُّون» (شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) بالماء، وفي ذكر الكون مبالغةٌ ليست (١) في حذفه كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ﴾ [الأنفال: ٣٣] حيث لم يقل: وما يعذِّبهم، وكذا في لفظ الرَّشِّ حيث اختاره على لفظ الغسل لأنَّ الرَّشَّ ليس فيه جريان الماء، بخلاف الغسل فإنَّه يُشتَرط فيه الجريان، فنفيُ الرَّشِّ أبلغ من نفيِ الغسل، ولفظ: «شيئًا» أيضًا عامٌّ لأنَّه نكرةٌ في سياق النَّفي، وهذا كلُّه للمُبالَغَة في طهارة سؤره، إذ في (٢) مثل هذه الصُّورة الغالب أنَّ لعابه يصل إلى بعض أجزاء المسجد، وأُجِيب بأنَّ طهارة المسجد مُتيقَّنةٌ، وما ذُكِرَ (٣) مشكوكٌ فيه، واليقين لا يرتفع بالشَّكِّ، ثمَّ إنَّ دلالته لا تعارض دلالة (٤) منطوق الحديث الوارد بالغسل من ولوغه، وقد زاد أبو نُعيمٍ والبيهقيُّ في (٥) روايتهما لهذا الحديث من طريق أحمد بن شَبيبٍ المذكور موصولًا بصريح التَّحديث قبل قوله: «وتُقبِل»: «تبول» وبعدها واو العطف، وذلك ثابتٌ في فرع «اليونينيَّة»، لكنَّه علَّم عليه علامة سقوط ذلك في رواية أبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ وابن عساكر، ذكره الأَصيليُّ في رواية عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد شيخ شَبيب بن سعيدٍ المذكور، وحينئذٍ فلا حجَّة فيه لمنِ استدلَّ به على طهارة الكلاب للاتِّفاق على نجاسة بولها، قاله ابن المُنَيِّر، لكن يَقْدَح في نقل الاتِّفاق القول بأنَّها تُؤكَل، حيث صحَّ عمَّن نقل عنه، وأنَّ بول ما يُؤكَل لحمه طاهرٌ، وقال المنذريُّ (٦): كانت تبول خارج المسجد في مواطنها، ثمَّ تقبل وتدبر في المسجد، ويبعد أن تُتَرك الكلاب تنتاب (٧) في المسجد حتَّى تمتهنه بالبول فيه، والأقرب أن يكون ذلك في ابتداء الحال على


(١) في (ص): «لم تكن».
(٢) «في»: سقط من (ص).
(٣) في غير (ص) و (م): «ذكرناه».
(٤) «دلالة»: سقط من (ص).
(٥) في (د) و (ص): «من».
(٦) في غير (م): «ابن المنذر».
(٧) في (د): «تنساب»، وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>