للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه: أنَّ كلَّ عملٍ يُستأجرُ عليه كتعليمِ قرآنٍ وخياطةٍ وخدمةٍ صداقٌ (١)، فإنْ أَصْدَقها تعليمَ سورٍ من القرآن، أو جزء منه بنفسهِ اشتُرطَ تعيينه، واشْتُرطَ علمُ الزَّوجِ والوليِّ بالمشروطِ تعليمُه بأن يَعْلَما (٢) عينَهُ وسهولتَهُ أو صعوبتَهُ، وإلَّا وكَّلا أو أحدهما مَن يعلمهُ، ولا يشترطُ تعيين الحرفِ الَّذي يعلِّمه لها (٣)، كقراءةِ نافعٍ أو أبي عمرٍو مثلًا، فيعلِّمها ما شاءَ، فإن عيَّنهُ كلٌّ منهما كحرف نافعٍ تعيَّن عملًا بالشَّرط، فلو خالف وعلَّمها حرف أبي عمرو فمتطوِّعٌ به، ويلزمهُ تعليم الحرف المُعَيَّن عملًا بالشَّرطِ، فلو لم يحسن الزَّوجُ التَّعليمَ لما شرطَ تعليمهُ لم يصح (٤) إصداقهُ إلَّا في الذِّمَّةِ لعجزهِ في الأوَّل دون الثَّاني، فيأمرُ فيه غيرَه بتعليمِها، أو يتعلَّم هو ثمَّ يعلِّمها، وإذا تعذَّر التَّعليم لبلادَةٍ نادرةٍ أو ماتَت أو ماتَ والشَّرط أن يعلِّمَ بنفسهِ وجبَ مهرُ المثلِ، فإن طلَّقها بعد أن علَّمها أو (٥) قبل الدُّخولِ رجعَ عليها بنصفِ الأجرةِ.

وقال الحنفيَّة: الباء في قوله: «بما معكَ من القرآنِ» للسببيَّة، كما وهبَت نفسها منه وهبت صداقَها لذلك الرَّجل.

وقال ابن المنيِّر: لما تحقَّق عجزَ الرَّجلُ سأله: «هل معكَ من القرآنِ من (٦) شيءٍ؟» لأنَّ القرآنَ هو الغنَى الأكبرُ، فلمَّا ثبتَ له حظٌّ منه ثبتَ له حظٌّ من النَّبيِّ فزوَّجه، وليس في الحديث إسقاط الصَّداقِ، فلعلَّه زوَّجهُ إيَّاها بصداقٍ وجدت مظنَّتهُ وإن لم توجد حقيقتهُ، وإذا وجدَتْ مظنَّتهُ أَوْشَكَ أن يحصلَ بفضلِ الله، وإنَّما استفسرهُ عن جهدهِ نصحًا للمرأةِ فلمَّا أخبرهُ أنَّه يحفظُ شيئًا من القرآنِ علمَ أنَّ الله لا يضيِّعهما. قال: ولو فرضْنَا امرأةً فوَّضت أمرَها في التَّزويجِ (٧) لرجلٍ، فخَطبها منه من لا مالَ له ولكنَّه حاملٌ للقرآنِ، فزوَّجها منه ثقةً بوعد الله لحاملِ كتابه بالغِنى، واقتداءً بهذا الحديث لكان جديرًا بالصَّواب، ويجعلُ


(١) في (د): «وخدمه يجوز جعله صداقًا».
(٢) في (م): «يعلمها».
(٣) في (م) و (د): «إياها».
(٤) في (س): «يجز».
(٥) في (ص): «و».
(٦) «من»: ليست في (م) و (د).
(٧) في (م): «التزوج».

<<  <  ج: ص:  >  >>