أبو عُبيد القاسمُ بن سلامٍ ثمَّ ابن السِّكِّيتِ: استعملا فيما يكتمهُ المرءُ ويخفيهِ عن غيره. وقال الخطَّابي: أرادَتْ عيوبه الظَّاهرة وأسرارهُ الكامنة. قال: ولعلَّه كان مستور الظَّاهر رديءَ الباطنِ. وقال عليُّ بن أبي طالبٍ: أشكو إلى اللهِ عجرِي وبُجرِي، أي: همومي وأحزانِي، وأصل العُجرة: الشَّيء يجتمعُ في الجسد كالسِّلعة، والبُجرة نحوها، وقيل: العجرُ في الظَّهر، والبجرُ في البطنِ.
(قَالَتِ) المرأة (الثَّالِثَةُ) وهي حُبَّى -بضم الحاء المهملة وتشديد الموحدة مقصورًا- بنت كعب اليمانيِّ تذمُّ زوجها:(زَوْجِي العَشَنَّقُ) بفتح العين المهملة والشين المعجمة والنون المشددة بعدها قاف، الطَّويل المذموم، السَّيِّئ الخلقِ، وقيل: ذمَّته بالطُّول لأنَّ الطُّول في الغالب دليلُ السَّفه لبُعد الدِّماغ عن القلب (إِنْ أَنْطِقْ) بكسر الطاء، أي: إن أذكرْ عيوبَهُ فيبلغه (أُطَلَّقْ) بضم الهمزة وفتح الطاء واللام المشددة، مجزوم جواب الشَّرط (وَإِنْ أَسْكُتْ) عنها (أُعَلَّقْ) بوزن أُطلَّق السابقة، أي: يترُكني معلَّقةً؛ لا أيِّمًا فأتفرَّغ لغيره، ولا ذات بعلٍ فأنتفع به. وقال في «الفتح»: الَّذي يظهرُ لي أنَّها أرادتْ وصفَ سوء حالها عندهُ، فأشارتْ إلى سوءِ خلقهِ، وعدم احتماله لكلامِها إن شكت له حالها، وأنَّها تعلمُ أنَّها متى ذكرت له شيئًا من ذلك بادرَ إلى طلاقها، وهي لا تحبُّ تطليقهُ لها لمحبَّتها فيه، ثمَّ عبَّرت عن الجملةِ الثَّانية إشارة إلى أنَّها إن سكتتْ صابرةً على تلك الحال كانت عنده كالمعلَّقةِ. وقال القاضي عياضٌ: أوضحتْ بقولها: على حدِّ (١) السِّنان المُذَلَّقِ مرادها بقولها قبل: إن أسكُت أعلَّق، وإن أنطِق أطلَّق، أي: أنَّها إن حادت عن السِّنان سقطت فهلكتْ، وإن استمرَّت عليه أهلكَها.
(قَالَتِ) المرأة (الرَّابِعَةُ) واسمها مَهْدَد -بفتح الميم وسكون الهاء وفتح الدال المهملة الأولى- بنت أبي هرُومة -بالراء المضمومة وبعد الواو ميم- تمدحُ زوجها:(زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ) بكسر التاء الفوقية، اسم لكلِّ ما نزلَ عن نجدٍ من بلاد الحجاز، وهو من التَّهَم -بفتح الفوقية والهاء- ركودُ الرِّيح. وقال في «القاموس»: وتِهامة -بالكسر- مكة شرَّفها الله تعالى. تريد: أنَّه ليس فيه أذى، بل راحةٌ ولذاذةُ عيشٍ، كليلِ تهامةَ لذيذٌ معتدلٌ (لَا حَرٌّ) مفرطٌ (وَلَا