فأتمنَّحُ» ففي اقتصارها على ذكر الشُّرب إشارة إلى أنَّ المراد به اللَّبن لأنَّه هو الَّذي يقومُ مقامَ الطَّعام والشَّراب، ولغير أبي ذرٍّ:«فأتقمَّحُ» بالميم بدل النون، كما ذكرها المصنف بعدُ عن بعضهم، وقال: إنَّها أصحُّ، فقول القاضي عياض: إنَّه لم يقعْ في «الصحيحين» إلَّا بالنُّون، ورواه الأكثر في غيرهما بالميم لا يخفى ما فيه. قال أبو عبيد: أتقمَّح -بالميم-، أي: أُروى حتَّى لا أشرب، مأخوذٌ من النَّاقة القامحِ، وهي الَّتي تردُ الحوضَ فلا تشربُ، وترفعُ رأسها ريًّا، أو هما بمعنى.
(أُمُّ أَبِي زَرْعٍ) زوجي (١)(فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ؟!) ما: استفهاميَّة للتعجُّب والتَّعظيم (عُكُومُهَا) بضم العين المهملة والكاف والميم، أي: أعدَالُها وغَرائرها الَّتي تجمعُ فيها أمتعتها، أو نمطها الَّذي تجعل فيه ذَخِيرتها. ذكره في «القاموس» وغيره (رَدَاحٌ) بفتح الراء والدال المهملتين وبعد الألف حاء مهملة مرفوع، أي: عُكُومها كلُّها رداحٌ ثقيلةٌ، فوصفَها بالثِّقلِ لكثرةِ ما فيها من المتاعِ والثِّيابِ. وقال في «النهاية»: أي: ثقيلةُ الكفلِ، ويصحُّ أن يكون رداح خبر عُكوم، فيخبر عن الجمع بالجمعِ، أو خبر لمبتدأ محذوفٍ، أي: كلُّها رداحٌ كما مرَّ، على أنَّ «رداحٌ» واحد جمعه: رُدُح -بضمتين-، وقد سمع الخبرُ عن الجمعِ بالواحد، مثل: أَدْرُع دِلَاص، فيحتملُ أن يكون هذا منه، ويحتملُ أن يكون مصدرًا كطلاقٍ وكمالٍ، أي: على حذف مضاف، أي: عُكُومها ذاتُ رداحٍ (وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ) بفاء مفتوحة فسين مهملة مخففة فألف فحاء مهملة، مرفوعٌ واسعٌ كبير. والحاصل: أنَّها وصفت والدةَ زوجها بكثرة الآلاتِ والأثاث والقُماشِ وسعة المالِ، كبيرةُ المنزلِ لبرِّ ابنها أبي زرعٍ لها، وأنَّه لم يطعنْ في السِّنِّ لأنَّ ذلك هو الغالبُ ممَّن يكون له والدة.