رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ) أي: نظرتُ فيه (فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا يَرُدُّ البَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ) بفتح الهمزة والهاء منوَّنة، جلود (ثَلَاثَةٍ) لم تُدْبغ، أو مطلقًا دبغت أو لم تدبغْ (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ)﷿(فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسًا) بالصَّرف، ولأبي ذرٍّ:«فارِسَ» بعدمه (وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا، وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللهَ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أوَفِي هَذَا أَنْتَ) بهمزة الاستفهام وواو العطف على مقدَّر بعدها. قال الكِرْمانيُّ: أي: أنت في مقامِ استعظامِ التجمُّلاتِ الدُّنيويَّة واستعجالها (يَا ابْنَ الخَطَّابِ؟) وعند مسلم من رواية مَعمر: «أوَفي شكٍّ أنتَ يا ابنَ الخطَّاب؟» كرواية عقيل السَّابقة في المظالمِ [خ¦٢٤٦٨] أي: أنتَ في شكٍّ أنَّ التَّوسُّع في الآخرةِ خيرٌ من التَّوسع في الدُّنيا؟ (إِنَّ أُولَئِكَ) فارس والرُّوم (قَوْمٌ عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتَغْفِرْ لِي) عن اعتقادِي أنَّ التَّجمُّلات الدُّنيويَّة مرغوبٌ فيها (فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ ﷺ نِسَاءَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً) وذلك أنَّه ﷺ خلا بمارية القبطيَّة في بيت حفصة، فجاءتْ فوجدتها معه، فقالت: يا رسول الله، تفعلُ هذا معي دون نسائكَ؟ فقال:«لا تُخبري أحدًا هي عليَّ حرامٌ» فأخبرت عائشةَ. أو السَّبب تحريمُ العسل السَّابق ذكره في سورة التَّحريم مختصرًا [خ¦٤٩١٢] الآتي إن شاء الله تعالى بعون الله ﷿ بأبسط منه في «الطَّلاق»[خ¦٥٢٦٧][خ¦٥٢٦٧].
وعند ابن مَرْدويه من طريق يزيد بنِ رُومان، عن عائشة: أنَّ حفصةَ أُهْديتْ لها عُكَّة فيها عسلٌ، وكان رسولُ الله ﷺ إذا دخلَ عليها حبستْهُ حتَّى تُلْعِقَهُ أو تسقيَهُ منها، فقالتْ عائشةُ لجاريةٍ عندها حبشيَّةٍ -يقال لها: خضراء- إذا دخلَ على حفصةَ فانظري ما تصنعُ، فأخبرَتها الجاريةُ بشأن العسلِ، فأرسلتْ إلى صواحبها فقالت: إذا دخل عليكنَّ فقلن: إنَّا نجدُ منك ريحَ مغافير، فقال:«هو عسلٌ، والله لا أطعمهُ أبدًا» فلمَّا كان يوم حفصة استأذنتهُ أن تأتي أباها، فأذنَ لها فذهبتْ، فأرسل إلى جاريتهِ مارية فأدخلَها بيت حفصة، قالت حفصة (١): فرجعتُ فوجدتُ الباب مُغلقًا، فخرجَ ووجهه يقطرُ، فعاتبته، فقال:«أشهدُكِ أنَّها عليَّ حرامٌ، انظُرِي لا تُخْبِري بهذا امرأةً، وهي عندَكِ أمانَةٌ» فلمَّا خرجَ قرعتْ حفصة الجدار الَّذي بينها