للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أَوَإِنَّكُمْ) بفتح الهمزة والواو (لَتَفْعَلُونَ) العزلَ المذكور؟ (قَالَهَا ثَلَاثًا) وظاهره: أنَّه ما كان اطَّلعَ على فعلهم ذلك. واستشكلَ مع قولهم: إنَّ الصَّحابيَّ إذا قال: كنَّا نفعلُ كذا على عهدِ النَّبيِّ يكون مرفوعًا لأنَّ الظَّاهر اطِّلاعه عليه. وأُجيب بأنَّ دواعيهم كانت (١) متوفِّرة على سؤالهِ عن أمورِ الدِّينِ، فإذا عملوا (٢) الشَّيء وعلموا أنَّه لم يطَّلع عليه بادَرُوا إلى السُّؤال عن الحكمِ فيه، فيكون الظُّهور من هذه الحيثيَّة. قاله في «الفتح».

(مَا مِنْ نَسَمَةٍ) أي: نفسٍ (كَائِنَةٍ) أي: قدِّر كونها (إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ) سواء عزلتُم أم (٣) لا، فلا فائدةَ في عزلِكم، فإنَّه إن كان الله قدَّرَ خلقها سبقكُم الماءُ فلا ينفعكم الحرصُ، وقد خلق اللهُ آدمَ من غير ذكرٍ ولا أنثى، وخلق حوَّاء من ضلعٍ منه، وعيسى من غير ذكرٍ. وعند أحمد والبزَّار وصحَّحه ابنُ حبَّان من حديث أنسٍ: أنَّ رجلًا سألَ عن العزلِ، فقال النَّبيُّ : «لو أنَّ الماء الَّذي يكون منه الولد (٤) أهرقتهُ على صخرةٍ لأخرجَ الله منها ولدًا» وقول ابنِ عبد البرِّ: لا خلافَ بين العلماءِ أنَّه لا يعزلُ عن الحرَّة إلَّا بإذنِها لأنَّ الجماع من حقِّها، ولها المطالبةُ به، وليس الجماع المعروف إلَّا ما لا يلحقهُ عزلٌ (٥) مردودٌ بما سبق من الخلافِ، وبأنَّ المرأةَ لا حقَّ لها في الجماعِ أصلًا. واحتجَّ للمانعين بحديثِ عمرَ عند ابن ماجه: «نهي عن العزلِ عن الحرَّةِ إلَّا بإذنِها» وفي إسناده ابن لهيعةَ، وجزم بعض الشَّافعيَّة بالمنع إذا امتنعَت، واتَّفقت المذاهب الثَّلاثة (٦) على أنَّه لا يعزلُ عن الحرَّةِ إلَّا بإذنِها، وأنَّ الأمةَ يعزل عنها بغير إِذنها.

قال في «الفتح»: وينتزعُ من حكمِ العزلِ حكم معالجة المرأةِ إسقاط النُّطفةِ قبل نفخِ الرُّوح، فمن قال بالمنعِ هناك ففي هذا أولى، ومن قال بالجوازِ يمكن أن


(١) «كانت»: ليس في (د).
(٢) في (د) و (س) و (ص): «علموا».
(٣) في (ب) و (س): «أو».
(٤) قوله: «يكون منه الولد» زيادة من مصادر التخريج.
(٥) في (ص): «وليس الجماع معروف إلَّا ما يلحقه»، وكذا في (د) وزاد: «يلحقه عزل».
(٦) «الثلاثة»: ليس في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>