للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: إن قال: كلُّ امرأةٍ أتزوَّجها فهي طالقٌ فليس بشيءٍ فإذا وقَّت لزمه، وقال الكِرمانيُّ: ومقصودُ البخاريِّ من تعداد هذه الجماعة الثَّلاثة والعشرين من الفقهاء الأفاضل الإشعار بأنَّه يكاد أن يكون إجماعًا على أنَّه لا تُطلَّق المرأةُ قبل النِّكاح. وقال في «الفتح»: وقد تجوَّز البخاريُّ في نسبةِ جميع مَن (١) ذكر عنهم إلى القولِ بعدم الوقوعِ مطلقًا مع أنَّ بعضَهم يفصِّل وبعضهم يختلف عليه، ولعلَّ ذلك هو النُّكتةُ بتصديرهِ النَّقل عنهم بصيغةِ التَّمريض، والمسألة من الخِلافيَّات (٢) الشَّهيرة، وللعلماء فيها مذاهب: الوقوع مطلقًا، وعدم الوقوع مطلقًا، والتَّفصيل بين ما إذا عمَّم أو عيَّن، والجمهور -وهو قول الشَّافعيِّ- على عدمِ الوقوع. نعم حكى ابن الرِّفعة في «كفايته» (٣) عن «أمالي أبي الفرج» وكتاب الحنَّاطي: أنَّ منهم من أثبت وقوعَ الطَّلاق، قال: واعلم أنَّ بعض الشَّارحين للمسألةِ استدلَّ بقوله : «لَا طلَاقَ قبلَ النِّكاحِ» مُقتصرًا على ذلك، وهو غير كافٍ لأنَّ مَن قال بوقوع الطَّلاق يقول بموجبهِ، فإنَّه يقول الطَّلاق إنَّما يقع بعد النِّكاح. انتهى.

وأبو حنيفة وأصحابه بالوقوع مطلقًا لأنَّ التَّعليق بالشَّرط يمينٌ، فلا تتوقَّف صحَّته على وجود مُلك المحلِّ كاليمين بالله تعالى، وهذا لأنَّ اليمين تصرُّفٌ من الحالف في ذمَّة نفسه لأنَّه يوجبُ البرَّ على نفسه والمحلوف به ليس بطلاقٍ؛ لأنَّه لا يكون طلاقًا إلَّا بعد الوصول إلى المحلِّ، وعند ذلك الملك واجبٌ، وقال بالتَّفصيل جمهور المالكيَّة: فإن سمَّى امرأةً، أو طائفةً، أو قبيلةً، أو مكانًا، أو زمانًا يمكن أن يعيشَ إليه لَزِمه، واحترزوا بذلك عمَّا لو قال: إلى مئتي سنةٍ لا (٤) يلزمه شيءٌ. وقال الشَّيخ خليلٌ في «توضيحه»: ولو قال لأجنبيةٍ: إن دخلتِ الدَّار فأنت طالقٌ، فلا (٥) شيءَ عليه لعدم عِصمتها، ولو قال: إن تزوَّجتُك فأنت طالقٌ، فالمشهورُ اعتباره. وروى ابن وهبٍ عن مالكٍ: أنَّه لا يلزمه. قال في «الاستذكار»: ورُوي على نحو هذا القول أحاديث إلَّا أنَّها عند أهل الحديث معلولةٌ، ومنهم من يصحِّح بعضها، وأحسنها ما خرَّج قاسمٌ: قال


(١) كتب فوقها في (م): «ما».
(٢) في (م): «الخلافات».
(٣) في (م): «كافيته».
(٤) في (د): «أنه لا».
(٥) في (م) و (د): «لا».

<<  <  ج: ص:  >  >>