للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صحيحٍ عند النَّسائيِّ ما يقتضي أنَّها هاجرت قديمًا، لكن يحتمل أنَّها جاءت إلى المدينة زائرةً لأختها قبل أن تُسلِم، أو كانت مقيمةً عند زوجها عمر على دينها قبل أن تنزلَ الآية، لكن هذا يردُّه ما روى عبد الرَّزَّاق عن مَعمر، عن الزُّهريِّ لمَّا نزلت: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ [الممتحنة: ١٠] فذكر القصَّة، وفيها: فطلَّق عمرُ امرأتين كانتا له بمكَّة، فهذا يردُّ أنَّها كانت مقيمة، ولا يردُّ أنَّها جاءت زائرةً، ويحتمل أن يكون لأمِّ سلمة أختان، كلٌّ منهما تسمَّى قريبة تقدَّم إسلام إحداهما، وتأخَّر إسلامُ الأخرى وهي المذكورة هنا، ويؤيِّده أنَّ عند ابن سعد في «طبقاته»: قريبة (١) الصُّغرى بنت أبي أميَّة (٢) أخت أمِّ سلمة تزوَّجها عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق (وَكَانَتْ أُمُّ الحَكَمِ ابْنَةُ) ولأبي ذرٍّ: «بنت» (أَبِي سُفْيَانَ) أخت معاوية، وأمِّ حَبيبة لأبيها (تَحْتَ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ) بفتح الغين المعجمة وسكون النون (الفِهْرِيِّ) بكسر الفاء وسكون الهاء (فَطَلَّقَهَا) حينئذٍ (فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ الثَّقَفِي) بالمثلثة. واستُشْكل ترك ردِّ النِّساء إلى أهل مكَّة مع وقوع الصُّلح بينهم وبين المسلمين في الحديبية: على أنَّ من جاءَ منهم إلى المسلمين ردُّوه، ومن جاءَ من المسلمين إليهم لم يردُّوه. وأُجيب بأنَّ حكم النِّساء منسوخٌ بآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾ إذ فيها ﴿فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ﴾ ثمَّ قال: ﴿ذَلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾ [الممتحنة: ١٠] أي: في الصُّلح، واستثنى النِّساء منه، والأمر بهذا كلِّه هو حكمُ الله بين خلقه، والله عليمٌ بما يُصلح عباده، أو أنَّ النِّساء لم يدخلنَ في أصل الصُّلح، ويؤيِّده ما في بعض طرقِ الحديث: «على أنَّ لا يأتيك منَّا رجلٌ إلَّا رددتَّه». إذ مفهومُه عدمُ دخول النِّساء.


(١) في (م): «قرينة».
(٢) في (م): «أميمة».

<<  <  ج: ص:  >  >>