للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث ما في «الصَّحيحين»، ثمَّ ما كان على شرطهما إلى آخر ما عُرِف. قال: وهذا تحكُّمٌ محضٌّ لأنَّه إذا كان الفرض أنَّ المرويَّ على نفس الشَّرط المعتبر عندهما فلم يَفُته إلَّا كونه لم يكتب في خصوص أوراقٍ معيَّنةٍ ولا أثر لذلك، وقول البخاريِّ: أصحُّ الأسانيد مالكٌ عن نافعٍ عن ابن عمر، لم يُوافق عليه فقد قال غيرُه غيرَه، وقال المحقِّقون: إنَّ ذلك يتعذَّر الحكم به، وإنَّما يمكن بالنِّسبة إلى صحابيٍّ وبلدٍ، فيقال: أصَّحُها عن ابن عمر: مالكٌ عن نافعٍ عنه، وعن أبي هريرة: الزُّهريُّ عن سعيد بن المسيَّب عنه، وأصحُّ أسانيد الشَّاميين: الأوزاعيُّ عن حسَّان بن عطيَّةَ، عن الصَّحابة. ونحو ذلك، وأحسنُ من هذا الوقوف عن اقتحامِ هذه، فإنَّ في خصوصِ (١) الموارد ما قد يُلْزِمُ الوقوفَ عن ذلك. نعم قد يكون الرَّاوي المعيَّن أكثر ملازمةً لمعيَّنٍ من غيره، فيصيرُ أدرى بحديثهِ وأحفظ له منه على معنى أنَّه (٢) أكثرُ إحاطةً بأفرادِ متونهِ، وأعلمُ بعادتهِ في تحديثهِ، وعند تدليسهِ إن كان، وبقصدهِ (٣) عند إبهامهِ وإرساله، ممَّن لم يلازمْه تلك الملازمة، أمَّا في فردٍ معيَّنٍ فُرِضَ أنَّ غيرَه ممَّن هو مثلُه في ملكةِ النَّفس من (٤) الضَّبط أو أرفع، سَمِعَهُ منه فأتقنَهُ وحافظَ عليه كما حافظَ على سائر محفوظاتهِ، يكون (٥) ذلك مقدَّمًا عليه في روايتهِ بمعارضهِ (٦) فما (٧) هو إلَّا مَحضُ تحكُّمٍ، فإنْ بَعُد هذا الفرضُ لم تبقَ زيادة الآخر إلَّا بالملازمةِ، وأثرُها الَّذي يزيدُ به على الآخر، إنَّما هو بالنِّسبة إلى مجموعِ متونهِ لا بالنِّسبة إلى خصوص متنٍ. انتهى.

وقد سبق ما احتجَّ به الإمام الشَّافعيُّ من ظاهر الآية مع قول أكثرِ الصَّحابة، والتَّرجيح يقعُ بالأكثر مع مُوافقة ظاهر القرآن، وقد نقل ابنُ المنذر عن بعضِ الأئمة، قال: لم نجدْ في شيءٍ من الأدلَّة أنَّ العزيمة على الطَّلاق تكون طلاقًا، ولو جاز لكان العزم على الفيء يكون فيئًا ولا قائل به، وليس في شيءٍ من اللُّغة أنَّ اليمين الَّتي لا يُنْوَى بها الطَّلاق تقتضي طلاقًا،


(١) في (د): «خوض».
(٢) «أنه»: ليست في (م) و (ص) و (د).
(٣) في (م): «يعضده».
(٤) في (ب) و (س): «و».
(٥) هكذا في (س) وفي (م) و (د): «لكون». وفي باقي النسخ: «يكون».
(٦) في (د): «من معارضه».
(٧) في غير (ب) و (س): «ما».

<<  <  ج: ص:  >  >>