للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأُوَل (وَقَوْلِهِ ﷿ ولأبي ذرٍّ: «وقول الله ﷿ (١)»: (﴿وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ﴾) أي: لا تخرجوا المطلَّقات طلاقًا بائنًا بخلعٍ أو ثلاثٍ، حاملًا كانت أو حائلًا، غضبًا عليهنَّ وكراهية (٢) لمساكنتهنَّ، أو لحاجةٍ لكم إلى المساكنِ، ولا تأذنوا لهنَّ في الخروجِ إذا طلبن ذلك إيذانًا بأنَّ إذنهم لا أثرَ له في رفعِ الحظر (﴿مِن بُيُوتِهِنَّ﴾) مساكنهنَّ الَّتي يسكنها قبل العدَّة وهي بيوتُ الأزواج، وأُضيفت إليهنَّ لاختصاصها بهنَّ من حيث السُّكْنى (﴿وَلَا يَخْرُجْنَ﴾) بأنفسهنَّ إنْ أردن ذلك ولو وافق الزَّوج، وعلى الحاكم المنعُ منه لأنَّ في العدَّة حقًّا لله تعالى، وقد وجبتْ في ذلك المسكن. وفي «الحاوي» و «المُهذَّب» وغيرهما من كتب العراقيين: أنَّ للزَّوج أن يُسكِنها حيث شاء لأنَّها في حكم الزَّوجة، وبه جزم النَّووي في «نكته». قال السُّبكيُّ: والأوَّل أولى لإطلاقِ الآية، والأذرعيُّ: إنَّه المذهبُ المشهور، والزَّركشيُّ: إنَّه الصَّواب (﴿إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ﴾) قيل: هي الزِّنا، أي: إلَّا أن يَزنين فيخرجنَ لإقامة الحدِّ عليهنَّ، قاله ابنُ مسعودٍ وبه أخذَ أبو يوسف، وقيل: خروجُها قبل انقضاءِ العدَّة فاحشةٌ في نفسهِ قاله النَّخعيُّ، وبه أخذَ أبو حُنيفة، وقال ابنُ عبَّاس: الفاحشةُ نشوزُها وأن تكونَ بذيئةَ اللِّسان على أحمائهَا. قال الشَّيخ كمال الدِّين ابن الهمام: وقول ابنِ مسعود أظهرُ من جهةِ وضع اللَّفظ له لأنَّ ﴿إِلَّا أَن﴾ (٣) غاية، والشَّيء لا يكون غايةً لنفسهِ، وما قاله النَّخعيُّ أبدعُ وأعذبُ في الكلام، كما يقال في الخطابيات: لا تزن (٤) إلَّا أن تكون فاسقًا، ولا تشتمْ أمَّك إلَّا أن تكون قاطع رحمٍ، ونحوه، وهو بديعٌ بليغٌ جدًا (﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ﴾) أي: الأحكام المذكورة (﴿وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي﴾) أيُّها المُخاطب (﴿لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ [الطلاق: ١]) بأن يقلبَ قلبَه من بُغضها إلى محبَّتها أو من الرَّغبةِ عنها إلى الرَّغبة فيها، أو (٥) من عزيمةِ الطَّلاق إلى النَّدم عليه فيُراجِعها، والمعنى: فطلِّقوهنَّ لعِدَّتهنَّ وأحصوا العِدَّة ولا تُخرجوهنَّ من بيوتهنَّ لعلَّكم تندمون فتراجعونَ، ثمَّ ابتدأ المصنِّف بآيةٍ أُخرى من سورةِ الطَّلاق فقال: (﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ


(١) «﷿»: عليها علامة إلغاء في (م)، وفي (د): «(وقوله تعالى): لأبي ذر: وقول الله ﷿».
(٢) في (ب): «كراهة».
(٣) «أن»: ليست في (د).
(٤) في (د): «يزني».
(٥) في (ص) و (م) و (د): «و».

<<  <  ج: ص:  >  >>