للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العُلْيَا) هي: المُعطية (خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى) وهي السَّائلة (وَابْدَأْ) في الإنفاق (بِمَنْ تَعُولُ) بمن تجبُ عليك نفقته. وفي حديث النَّسائيِّ عن أبي هريرة، قال رجلٌ: يا رسولَ الله عندي دينار، قال: «تصدَّق به على نفسِك» قال: عندي آخر، قال: «تصدَّق به على زوجتِكَ» قال: عندِي آخر، قال (١): «تصدَّق به على خادِمك» قال: عندي آخر، قال: «أنت أبصرُ به» (تَقُولُ المَرْأَةُ) لزوجها: (إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي) وللنَّسائيِّ: «إمَّا أن تنفق عليَّ» (وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي، وَيَقُولُ العَبْدُ: أَطْعِمْنِي) بهمزة قطع (وَاسْتَعْمِلْنِي) وزاد الإسماعيليُّ: «وإلَّا فبعني» (وَيَقُولُ الاِبْنُ: أَطْعِمْنِي، إِلَى مَنْ تَدَعُنِي؟) وللإسماعيليِّ: «إلى من تكِلُني؟» (فَقَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعْتَ هَذَا) يعني: قوله: تقول المرأة … إلى آخره، (مِنْ رَسُولِ اللهِ ؟ قَالَ: لَا، هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ) بكسر الكاف، أي: من كلامِي أدرجتُه في آخر الحديث لا ممَّا سمعتُه من رسول الله ، وحينئذٍ فهو موقوفٌ استنبطَه ممَّا فهمه من الحديثِ المرفوع الواقعِ.

وقال في «الكواكب الدَّراري»: والكِيس -بكسر الكاف-: الوعاء، وهذا إنكارٌ على السَّائلين عنه؛ يعني: ليس هذا إلَّا من رسولِ الله ، ففيه نفيٌ يريدُ به الإثبات، وإثباتٌ يريد به النَّفي على سبيل التَّعكيس. قال: وفي بعضِها بفتح الكاف، أي: من عقلِ أبي هريرة وكِياسَتِهِ، وفيه: أنَّ النَّفقة على الوالدِ ما دام صغيرًا أو لا مال له ولا حرفةَ لأنَّ قوله: إلى مَن تدعني؟ إنَّما هو قول (٢) من لا يرجعُ إلى شيءٍ سوى نفقةِ الأب، ومن له حِرفةٌ أو مالٌ غير محتاجٍ إلى قولِ ذلك، واستَدلَّ بقوله: «إمَّا أن تُطعمَني، وإمَّا أن تُطلِّقني» مَن قال: يفرَّق بين الرَّجل وزوجته إذا أعسرَ بالنَّفقةِ، واختارتْ فراقه كما يُفْسَخُ بالجبِّ والعنَّة، بل هذا أولى لأنَّ الصَّبر عن التَّمتُّع أسهلُ منه عن النَّفقة ونحوها لأنَّ البدن يبقى بلا وطءٍ، ولا يبقى بلا قوتٍ، وأيضًا مَنفعة الجماع مشتركةٌ بينهما، فإذا ثبتَ في المشترك جواز الفَسخ لعدمهِ ففي عدم المختصِّ بها أولى، وقياسًا على المَرْقُوقِ، فإنَّه يبيعه إذا أَعسر بنفقتهِ، ولا فسخَ للزَّوجة بنفقة عن مدَّةٍ ماضيةٍ إذا عجز عنها لتنزُّلها منزلة دينٍ آخر يثبتُ في ذمَّته.

وقال الحنفيَّة: إذا أعسرَ بالنَّفقة تؤمر بالاستدانةِ عليه ويلزمها الصَّبر وتتعلَّق النَّفقة بذمَّته


(١) قوله: «تصدق به على ولدك. قال عندي آخر» زيادة من «سنن النسائي».
(٢) «قول»: ليست في (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>