للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَتَى كُنْتَ هَاهُنَا؟» قَالَ قُلْتُ قَدْ كُنْتُ هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ، قَالَ: «فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ؟» قَالَ قُلْتُ: مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي، وَمَا أَجِدُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ، قال: «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ». قلت: وزاد الطيالسي في مسنده، وغيره: «وَشِفَاءُ سُقْمٍ». (١) وأخرج الطبراني في الأوسط" (٤/ ١٧٩ رقم ٣٩١٢) بسند حسن عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: خَيْرُ مَاءٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَاءُ زَمْزَمَ، فِيهِ طَعَامٌ مِنَ الطُّعْمِ، وَشِفَاءٌ مِنَ السَّقَمِ.

وعلي هذا فيرتقي الحديث بمجموع طرقه من الضعيف إلي الحسن لغيره، والله أعلم.

أحكام العلماء علي الحديث:

قال أبو بكر الدينوري: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، عَن مُحَمَّد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَن الْحُمَيْدِيُّ؛ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَحَدَّثَنَا بِحَدِيثِ زَمْزَمَ: أَنَّهُ لِمَا شُرِبَ لَه، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمَجْلِسِ ثُمَّ عَادَ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! أَلَيْسَ الْحَدِيثُ صَحِيحًا الَّذِي حَدَّثْتَنَا بِهِ فِي زَمْزَمَ أَنَّهُ لِمَا شُرِبَ لَهُ؟ فَقَال سُفْيَانُ: نَعَمْ. فَقَالَ الرَّجُلُ: فَإِنِّي قَدْ شَرِبْتُ الْآنَ دَلْوًا مِنْ زَمْزَمَ عَلَى أنك تحدثني بمئة حَدِيثٍ. فَقَالَ سُفْيَانُ: اقْعُدْ. فحدثه بمئة حَدِيثٍ. (٢)

وقال المنذري: إِسْنَاده حسن. (٣) وقال ابن القيم: الحديثُ حسن، وقد صححه بعضهم، وجعله بعضهم موضوعاً، وكلا القولين فيه مجازفة. وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أموراً عجيبة، واستشفيت به من عدة أمراض، فبرأت بإذن الله، وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريباً من نصف الشهر أو أكثر ولا يجد جوعاً، ويطوف مع الناس كأحدهم، وأخبرني أنه ربما بقي عليه أربعين يوماً، وكان له قوة يجامع بها أهله، ويصوم ويطوف مراراً. (٤) وقال السبكي: سئل ابن خزيمة: من أين أُتيت العلم؟ فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ماء زمزم لما شرب له، وإني لما شربت ماء زمزم سألت الله علماً نافعاً. (٥) وقال الزركشي: إسناده جيد. (٦) وقال ابن الصلاح: صحح الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي حديث جابر مرفوعاً: ماء زمزم لما شرب له. (٧) قلت: لكن صححه الدمياطي من طريق ابن المبارك، عن ابن أبي الموال، عن ابن المنكدر، عن جابر وهذا الطريق قال فيه ابن حجر: شاذ، والمحفوظ عن ابن المبارك عن ابن المؤمل كما ذكرناه قبل ذلك، قلت: وضعفه النووي أيضاً من طريق ابن المنكدر.

وقال ابن الهمام: واعلم أن الذي نحتاج إليه الحكم بصحة المتن عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا علينا كونه من


(١) أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ فضائل الصحابة ب/ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه-. (٤/ ١٩١٩ رقم ٢٤٧٣)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده" (١/ ٣٦٤ رقم ٤٥٩).
(٢) يُنظر "المجالسة وجواهر العلم" لأبو بكر الدينوري ٢/ ٣٤٢.
(٣) يُنظر "الترغيب والترهيب" للمنذري ٢/ ١٣٦.
(٤) يُنظر "زاد المعاد في هدي خير العباد" لابن القيم ٤/ ٣٦١.
(٥) يُنظر "طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي ٣/ ١١٠.
(٦) يُنظر "التذكرة في الأحاديث المشتهرة" ١/ ١٥١.
(٧) يُنظر "الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح" ١/ ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>