ومصر وأقطارهما لمحمد علي باشا ولأولاده من بعده، وضربوا عليه خراجاً معلوماً يدفعه في كل سنة، ويرجع إلى الدولة الشام والحجاز وتم الأمر على ذلك.
وكانت مدة تملكه الأقطار الشامية قريباً من تسع سنين وفي مدة السلطان المترجم المومى إليه قوي الاتحاد مع دولتي فرنسا وإنكلترا، فحسنوا له إحداث القوانين المسماة بالتنظيمات الخيرية، فصدر منه الفرمان السلطاني بذلك سنة خمس وخمسين ومائتين وألف، وهي سنة جلوسه على تخت السلطنة. وفي سنة تسع وستين ومائتين وألف كانت الحروب العظيمة بين السلطان عبد المجيد والروسيا المسماة بحرب القرم، وسببها أنه وقع اختلاف بين طائفتي الروم واللاتين في القدس من عدة سنين بسبب كنيسة القيامة وبعض الأماكن المقدسة، فكانت كل طائفة منهما تدعي لنفسها حق الرياسة والتقدم على الأخرى بالاستيلاء على مفاتيحها، ثم أخذت هذه المسألة تتعاظم بينهما وتمتد يوماً بعد يوم إلى أن آل الأمر إلى النزاع والجدال في سنة ثمان وستين ومائتين وألف، فوقع الباب العالي في ارتباك وحيرة من جهة تسكينها وإخماد نارها، لأن الروسيا كانت تحامي عن حقوق الروم، وفرنسا تحتشد لطرف اللاتين، فتداخل سفر إنكلترا في صرف هذا المشكل ورسم ترتيباً لائتلاف الملتين والمتخالفتين، فقبلته فرنسا ولم تقبله الروسية، لأن مقصدها التوحد، ولم يكن مقتصراً على المحاماة عن حقوق الروم بل كان لها غايات أخرى طالما كانت تجتهد على نوالها