وتترقب الفرص لاستحصالها، وهي إبعاد الدولة العثمانية من قارة أوروبا والاستيلاء على أقاليهما وولاياتها، فانتهز إمبراطورها نقولا تلك المنازعة فرصة مناسبة لنوال بغيته وبلوغ أربه، فبعث سفيراً إلى القسطنطينية لمقابلة السلطان عبد المجيد، بعد أن كان بعث جيشاً يبلغ مائة وأربع وأربعين ألفاً إلى نهر الطونة ليكون مستعداً لوقت اللزوم والحاجة، فلما وصل السفير المذكور إلى القسطنطينية رفض مواجهة فؤاد باشا وزير الخارجية، ودخل رأساً على الحضرة الشاهانية، وعرض عليه مطالب الأمبراطور نقولا في المسألة المتعلقة بالأماكن المقدسة، وأن جميع الروم الذين هم من تبعة الدولة العلية تكون تحت حمايته من الآن وصاعداً، وأن بطرك الروم القسطنطيني وباقي أساقفة الطائفة يكون انتخابهم وتغيرهم منوطاً به، وأن الشكاوى والدعاوى التي تصدر عليهم من جهة تصرفاتهم تعرض عليه لينظر فيها، ومغايرة للأصول وقوانين الدول، فانثنى السفر راجعاً من حيث أتى، وأعلم الامبراطور نقولا بواقعة الحال، فاستشاط غضباً وأصدر أمراً إلى العساكر التي أرسلها إلى أطراف الطونة أن تعبر النهر وتستولي على تلك الأطراف، فاجتازت النهر وشنت الغارات على إمارات الأفلاق والبغدان، واستولت عليها، ولما تحقق الباب العالي قدوم ذلك الجيش إلى أطراف بلاده علم أن مقاصد الروسية في تطلبها لم تكن إلا وسيلة لإشهار الحرب، فجهز جيشاً وأرسله إلى تلك الحدود تحت قيادة عمر باشا المجري لردع الروسيين، ولما تأكدت الدول الأرباوية بغية الروسية ومقاصدها بادرت إنكلترا وبروسيا والنيمسا إلى عقد جمعية للنظر بإجراء الوفاق بين الدولتين، وأرسلت كل دولة منهما معتمداً من طرفها إلى مدينة آثينا حيث وافاهم سفير من طرف الروسية وآخر من طرف الدولة العلية، وعقدوا هناك مجلساً في سنة ألف ومائتين وسبعين لم يأت بالمرغوب.