عام ألف وثلاثمائة وأربعة عشر سافر إلى الآستانة وكان لجده معاش مقداره ألف وخمسمائة قرش في كل شهر، وبعد موت جده انتقلت لأبيه وما زالت تتناقص إلى أن صارت تسعمائة وخمسين قرشاً، فأراد المترجم إرجاعها إلى أصلها فلم يمكن، غير أنهم وجهوا على والده ثلاثمائة قرش قيد حياة، فجاء المترجم إلى الشام بعد ما مكث في الآستانة نحواً من سنتين، ولم يمض مدة بعد حضوره إلا وقد توفي والده، فانقطعت الثلاثمائة، وأما المعاش الأول فإنه تخاصم مع عمه الشيخ أحمد عليه، وكل منهما يدعيه لنفسه وأنه أحق به، وطال الخصوم إلى أن أصلح بينهما مفتي الشام صالح أفندي قطنا مناصفة، فيه وفي مشيخة التكة النقشية.
وللمترجم نظم ونثر كثير، ومن ذلك قصيدته الرائية المؤرخة في كل شطر، التي بارك بها لسمو خديوي مصر، بمسند الخديوية. ومطلعها:
اللطف في أرجاء مصر يشير ... أني بتوفيق العزيز بشير
١٢٩٦ ١٢٩٦ - وما أرشق ما قال منها:
دانت إليه الآصفية منصباً ... ودنا سروراً منبر وسرور
١٢٩٦ ١٢٩٦ - ومن القصائد الحماسية، قصيدته البهية البائية، ومطلعها:
تجلى من العلم الإلهي كواكبه ... لنا وبنا سارت إلينا مواكبه
ونحن وإن جر الخمول ذبوله ... علينا فإنا للوجود مناقبه
وما الكون إلا شاعر وصفاتنا ... مشارقه تشدو بها ومغاربه
وما أعلى ما قال منها:
توهم أهل الجهل إدراك شأونا ... ومن نال هذا الفضل تسمو مراتبه
وهب أنهم قد أمطروا منه قطرة ... فمن بعد ما انهلت علينا سحائبه