عبد الحميد خان، مع الإذن له بأداء فرض الحج الشريف، فتوجه مصحوباً بجميع عائلته إلى وطنه ومحل ولادته، لكي يغنم دعاء والدته ويدخل عليها السرور بزيارته، ومن هناك توجه إلى مكة ذات القدر السامي والاحترام فأدى فرائض الحج. ثم في السابع والعشرين من ذي الحجة الحرام، توجه مع المحمل الشامي نحو المدينة المنورة لزيارة خير الأنام، فوصل إليها في عاشر المحرم سنة ألف وثلاثمائة وواحدة، وزار أشرف قبر وصلى لديه الجمعة مرتين وأثنى على الله تعالى وحمده بأعظم المحامد. ثم توجه براً مع المحمل المصري فاستقام بمدينة مصر للزيارة خمسة عشر يوماً، ثم توجه إلى الإسكندرية فمكث بها ستة عشر يوماً، ومنها ركب في الوابور النمساوي فأجرى الكرانتينة في بلدة بيرة، ثم توجه إلى أزمير واستقام بها اثنين وعشرين يوماً بكل تعظيم وتوقير، وفي ثالث شهر رجب توجه في الوابور قاصداً الآستانة العلية، وعند وصوله توجه رأساً إلى السراية السلطانية، للتشرف بتلك الرحاب، والتشكر لحضرة ذلك المقام المهاب. ثم رجع لمنزله الذي كان استأجره بجهار شنبه إلى أن مضى الشتاء، وفي الصيف عاد إلى الشاملجة لقصره، وما زال داعياً لمولانا أمير المؤمنين بدوام تأييده ودوام بقائه ونصره. وفي سنة ألف وثلاثمائة وثلاث صار بالفعل قاضي عسكر أناطول البهية، وحسب الطريق عند ختام المدة كانت الحضرة المعظمة تدعوه للعطايا الخاقانية. وفي الخامس عشر من جمادى الأولى سنة ست دعي في الساعة الخامسة ليلاً بواسطة أحد المقربين، إلى الحضور لدى سيدنا الأعظم أمير المؤمنين، فعندما دخل السراية العالية بشر بمشيخة الإسلام، فوجهت في الحال عليه بتمام الفضل وجزيل الإنعام،