للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونادوا بالأمان لنساء الأمراء، وأمروا كل من عندها شيء من متاع زوجها تأتي به، وصالحت زوجة مراد بيك عن نفسها وأتباعها من نساء الأمراء بماية وعشرين ألف ريال، واستخرجوا من الخبايا شيئاً كثيراً، ثم طلبوا من أهل الحرف والأسواق مبلغاً من المال يعجزون عنه، فاستغاثوا بالمشايخ فتشفعوا عندهم فلطفوها لهم. ولما جاء وقت مولد النبي صلى الله عليه وسلم أمروا بصنعه على المعتاد وأعطوا من عندهم إعانة على ذلك ثلاثمائة ريال، وصنعوا شنكاً ليلة المولد، وجاءت مراكب الإنكليز وحاربت مراكب الفرنسيس، وأحرقوا لهم مركباً كبيراً، واستمر أياماً ثم ذهبوا، وأما إبراهيم بك ومراد بيك فذهبوا إلى غزة ثم رجعوا إلى جهة الفيوم. وفي شهر ربيع الثاني طلبوا من الناس حجج أملاكهم وقيدوها عندهم، ووضعوا عليها قدراً معلوماً من الدراهم، وأمروا المشايخ أن يكتبوا للسلطان كتاباً مضمونه الثناء عليهم وحسن سيرتهم، وأنهم من المحبين للسلطان، وأنهم محترمون للقرآن والإسلام ففعلوا، وفي عاشر جمادى الأولى جمعوا الناس وقرروا على الأملاك أموالاً زيادة عما كان قبل ذلك، وهاج عامة الناس ونادوا بالجهاد، ووقع قتال قتل فيه خلق كثير، ثم صار النداء بالأمان، ثم تتبعوا كثيراً ممن كان قائماً في تلك الفتنة فقتلوه. وأما كيفية مجالسهم وبقية الترتيب في نظامات دولتهم فهو طويل لا حاجة لذكره، وكذا ما كان يجري من الحوادث. ولما جاءت أخبار دخول الفرنسيس مصر إلى الحجاز قام شيخ عالم مغربي بمكة يقال له محمد الجيلاني واستنفر الناس للجهاد، فاجتمع معه خلق كثير ووصلوا إلى الصعيد وقاتلوا من وجدوه من الفرنسيس، ولم يقدروا على استخلاص الأقطار المصرية منهم، فقاتلوا حتى قتل أكثرهم ورجع القليل منهم.

ثم جهز الفرنسيس جيشاً لمحاربة أحمد باشا الجزار في عكا، فملكوا كثيراً من قرى الشام وحاصروا أحمد باشا في عكا ثم عجزوا عن أخذها، فارتحلوا عنها. وأجروا ما يعتاده أهل مصر من مولد السيد أحمد البدوي وغيره على حسب المعتاد، وكذا إخراج المحمل والحج، وحصل بينهم

<<  <   >  >>