مرتضعاً من ثديه لبان العلوم، محلياً جيده من دره المنظوم، مع عفة وصيانة وورع وديانة، وتقوى وعفاف وحلم وإنصاف. وتفقه عليه وعلى خال والده الإمام الشهير الشافعي الصغير، الشيخ علي بن أحمد الكزبري وأخذ الحديث عنهما وعن العلامة الشهاب أحمد المنيني، ثم لزم الإمام العلامة الثاني علي أفندي الداغستاني، وقرأ عليه في أنواع العلوم من معقول ومنقول، وفروع وأصول، والعلامة المحقق الشيخ عبد الرحمن بن جعفر الكردي وغيرهما حتى نبه ونبل وتجمل واكتمل، وفاق أقرانه وشرف زمانه. ولم يزل مثابراً على تعلم العلم وتعليمه وتوضيحه وتفهيمه، مكباً على الطاعات والعبادات مثابراً عليهما في جميع الأوقات، محباً للمساكين والفقراء والمنتمين إلى السادة الكبراء، كثير الصدقات والمبرات، متواضعاً للصغير والكبير، لين الجانب للعظيم والحقير. ذا هيبة ووقار يعلو وجهه نور أهل الآثار، كثير البكاء والخوف من مولاه، أماراً بالمعروف نهاء عن المنكر لا يخشى لومة لائم في الله. محيياً لبقع المدارس والمساجد بالدروس والعبادات، وأنواع الطاعات، ذا إتقان وتحقيق وترقيق وتدقيق، بذهن سيال ولسان فصيح المقال، مقصوداً من جميع الجهات والأقطار، مشهوراً بها كالشمس في رابعة النهار. قد انتفع به الجم الغفير والخلق الكثير، من قاطنين وأغراب، قد ارتكبوا لأجله غارب الاغتراب، حتى أنه لم يوجد الآن في دمشق من طالب، إلا وهو من فيض بحره كارع وشارب.
وهو إمام دمشق الكبير وكوكبها الذي به تنير. حج مرتين الأولى سنة ألف ومائة وثمان وتسعين، والثانية عام ألف ومائتين وعشرة. وكان والده قد أذن له بإفادة الطالبين في حياته، وجلس مكانه بين العشائين