وبذل في الإقبال على الديانة الجهد، أن أطلق لسانه في التقرير والبيان، تذكرت قول حجة الإسلام: ليس في الإمكان، وإن جلس في مجلس عمه السرور، وخاله الحاضرون أنه من اللطف والرقة مفطور. له من النباهة مكان مكين، يطلع له من كل ناحية على جيش البلاغة كمين، ومع وقاره الذي يعرف، يبدو له من النكات ما يستملح ويستطرف.
ولد في طنطا سنة إحدى وأربعين ومائتين وألف، ومات أبوه وعمره أربع سنين، وماتت أمه وعمره ست سنين، وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، على الشيخ محمد الشبرويشي، ثم دخل جامع السيد البدوي للطلب، فقرأ على السيد محمد أبي النجا المشهور صاحب الحاشية والشيخ عبد الوهاب بركات والشيخ علي حمزة مدة، وانتفع بهم وأجازوه بالإجازة العامة، ثم سافر مع أخيه الأكبر إلى بلاد الروم وبلاد الترك، ثم دخل حلب وقرأ على الشيخ أحمد الترمنيني وغيره، وأجازوه، ثم رحل إلى الشام سنة ألف ومائتين وخمس وخمسين، وقرأ على الشيخ سعيد الحلبي والشيخ عبد الرحمن الطيبي والشيخ عبد الرحمن الكزبري، وأخذ طريقة النقشية على المرشد الكامل الشيخ محمد الخاني الخالدي، فانتفع به حتى صار إذا ذهب إلى مكان يجعله خليفة عنه، ثم إنه في سنة ألف ومائتين وستين عاد إلى مصر، ودخل الجامع الأزهر، وانقطع للطلب بهمة وجد واجتهاد، فقرأ على شيخ الأوان الشيخ إبراهيم الباجوري والشيخ إبراهيم السقا والشيخ عليش المغربي والشيخ مصطفى البلتاني والشيخ مصطفى المبلط والشيخ محمد الخضري، وأكثر قراءته عليه في العلوم الغريبة كالميقات والفلك والجبر والمقابلة، إلى أن صار إماماً في العلوم العقلية والنقلية، مع شدة ذكائه وحفظه، ثم رجع إلى الشام واستوطن دمشق في محلة الميدان سنة ألف ومائتين وخمس وستين، وجلس في حجرة في جامع سيدنا صهيب الرومي،