غزية. وإياك أن تنسبها لأمها الغريبة ذات اللامة التي أكسبتك فوق ما اكتسب ببغلته أبو دلامة، وأزرت بك في الشرق والغرب، إزراء الطيلسان بابن حرب، وستشتهر بها عند كل قريب وبعيد، كما اشتهر بشاته سعيد، فإذا ورد عليك بذلك الخبر، فلا تلم سواك في البشر. وتذكر ما أنشده سيدي عمر:
ولقد أقول لمن تحرش في الهوى ... عرضت نفسك للبلا فاستهدف
وأنت حيث فتحت هذا الباب، وابتدأت هذا الخطاب، تكرمت عليك بالجواب، لئلا تحقر نفسك إذا لم تجاب، واعلم بأنني كما قيل:
ولست بمفراح إذا الدهر سرني ... ولا جازع من صرفه المتقلب
ولا مبتغ للشر والشر تاركي ... ولكن متى أحمل على الشر أركب
ولا يظن أحد أن إقدامك على هذا الأمر لجرأة في الخلد، فالعير كما لا يخفى تقدم من خوف على الأسد، ولولا ما أرشدنا سبحانه وتعالى إليه بقوله عز وجل:" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه " وخشية ما قيل:
إذا المرء لم يكرم كريماً ولم يهن ... لئيماً ولم يبرز إلى من يجاوبه
فذاك الذي إن عاش لا يعتنى به ... وإن مات لا تبكي عليه أقاربه
لما فوقت من قسي الملام نحوك سهماً، ولا أفدتك من شهب الكلام رجما، على أنني أتيقن الملامة، وأتحقق على ذلك الندامة، إذا طاشت السهام في ظلك الزائل فلم تر فيه مرمى، وتساقطت شهب ثواقب الكلام عليك فلم تجد لك رسما، غير أني أخلص بقوله تعالى في محكم التنزيل " ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل " هذا