وتفلح بأيد لم تتعود إلا هز السيوف وتشريع العوامل، وطرقات تمهد وتسلك بعد أن كانت وعوراً لا يكاد يسمع منها سوى عويل المسلوبين وأنين الجرحى من أبناء السبيل، ومعاقل تبنى وتشاد لقيام قوات من الجند يتكفل وجودها بإرهاب العتاة وإخافتهم، وغل أيديهم عن السلب والنهب. ومن تأمل في حالة النصيرية ودروز حوران وأهلها وعرب البادية واللجاه من قبل، ورآها الآن، يرى الفرق بينهما، وأعظم التدابير التي تمت بهذه النتيجة الحسنة إنشاء المنازل العسكرية في جبل الدروز، ثلاثة حصون متينة أولها في قرية عرى، والثاني في المزرعة، والثالث على مقربة من بصر الحريري، ثم أنشأ حصناً آخر في حاصبيا، ومثله في قرية ضمير، وهي تبعد ست ساعات شرقاً عن دمشق، حيثما يأتي إليها أهل البادية للاستقاء منها وهذا خير رادع للبغاة أعداء الأمن، لأنه ما من عات متمرد إلا ويضطر إلى المرور بتلك البقعة، فإذا أتاها أوقعت عليه حامية الحصن ما يكفه عن طغيانه، وردته عن عدوانه، وبنى معقلاً عظيماً في منتصف جبال النصيرية، قرب قرية تعرف بدير شميل، لا تبعد عن مصياف نقطة قوة النصيرية ومنتدى جمهورهم أكثر من نصف فرسخ، فكان مجموع هذه المعاقل ستة، واحد منها كاف لثلاث فرق طوابير، وثلاثة يكفي كل منها لفرقة، واثنان لنصف فرقة، ومن الأبنية التي شادها دون أن يثفل على الخزينة السلطانية دائرة حكومة حاصبيا، وموقف حراس كبير في ضمير، وموقفان للحراسة في بيروت، ومحل لطابور العساكر، ودائرة في جبال النصيرية، ودائرة حكومة في مرج عيون، وأخرى في جنين، وغيرها في بانياس وفي النبطية وفي طرابلس وفي بيروت، ومدرستان للصبيان في حوران، ودائرة للعدلية في الشام. ومن آثاره النافعة إصلاح طريق عجلات من طرابلس إلى حماه، وتأليف شركة وطنية لإدارتها، ثم إكمال