فلم أترك لقاها عن ملال ... ولا عن علة تركت لقائي
ولكنا نرى للعز أهلا ... وأهلا للمذلة والشقاء
رويدك أين تبلغ من لحاقي ... أمامك أيها العادي ورائي
سل الخطار والبتار عني ... وسل جود السحائب عن سخائي
ظمئت فما شربت الماء صرفا ... ولا أدليت دلوي في الدلاء
أأشرب والزلال يخاض فيه ... ومن نهر المجرة كان مائي
ولما أن سموت إلى الثريا ... أنفت بأن أسير على الثراء
فما رتب العلا إلا حظوظ ... مقسمة على أهل الولاء
وحسبك فاقتنع بالبعض منها ... ولا تلقي بنفسك للبلاء
وإياك التطلع نحو مجدي ... ولا تقس الغياهب بالضياء
فإني لست أقنع بالتهاني ... ولا يرضى بغايتها رضائي
وإني سوف أبتكر المعالي ... وأبلغ من نهايتها منائي
ولي نفس الملوك بجسم عبد ... تنزه أن يذل له ثرائي
ولكني أرى في قوم سود ... رضوا بالغيم عن زرق السماء
سأصبر صبر مرتاض كريم ... وأجعل كل ما أرجو ورائي
ومن قوله رحمه الله تعالى في النصائح والمواعظ
يا مهجتي مهلا إلى كم تتعبي ... وإلى متى بهوى الظبا تتعذبي
خلي معاناة الصبابة والهوى ... وعن المحبة فاذهبي لا تذهبي
إن الهوى فيه الهوان فقللي ... ذكر الغزالة والغزال الربرب
كم ذا تداري الكاشحين بحبهم ... وعلى الغضا وعن الهدى تتقلبي
وإلى متى هذا النحيب وذا البكا ... فلقد يشك من الجوى أن تعطبي
إن كنت لا تصغي لقولة ناصح ... فتقطعي بهواهم وتأربي
في مذهبي ترك الصبابة في الصبا ... شرع أدين بدينه في مذهبي
ودعي كؤوس الراح لا تعني بها ... وتهذبي إن كنت لم تتهذبي