بدا الكوكب الدري والقمر الذي ... محاسنه للشمس أضحت تسامت
فلا عجب إن فاح كالمسك عرفه ... فها هو من بيت النبوة نابت
له ثبت الحق الصريح من العلا ... وتاريخه: حق لنعمان ثابت
قرأ بعد تمييزه القرآن وأتقنه، ثم حفظ المتون المستحسنة، وحضر دروس العلماء الأعلام، ولازم الإقبال على الاستفادة ملازمة النجم للظلام، إلى أن ارتقى مقامه واستوى على عرش القبول كلامه، وسرت في الناس فضائله واشتهرت مناقبه وشمائله، وأجلسته معارفه على وجوه الأماني، وقصده الطالبون من قاص وداني، ومن أحسن ما جمعه وألفه، ووضعه في قالب التحرير وصنفه، كتابه المسمى بجلاء العينين في محاكمة الأحمدين، فإن كتاب جلا العين من الغين، وأزال عن محيا الحق الشك والرين، فهو القول الفصل العاري من الهذيان والهذل، ولعمري أن من دقق النظر فيه وجال في مناهج ظواهره وخوافيه، عرف أنه حكم وعدل، واعترف بأنه عن طريق الصواب ما عدل، ونصر قول السنة والكتاب، وماز القشر من اللباب، نفع الله العموم بعلومه ورفع راية منثوره ومنظومه، وقد صنف جملة صالحة من التصانيف وحرر زبراً نافعة من التآليف منها إكمال حاشية القطر لوالده، والشقائق، ورسالة في الفقه، وله نثر ونظم يزري باللؤلؤ النجم، وكتب في المواعظ دروساً مفيدة ومجالس عديدة حميدة، وله مجانسة الجليس، بالوعظ والتدريس:
بوعظ قد تلين له قلوب ... وزجر قد تلين به الصخور
تفرد في الفحول بقوارع وعظه ... وأذاب القلوب بزواجر لفظه:
إذا ما رقى للوعظ ذروة منبر ... لخطبته فالكل مصغ ومنصت
فصيح عن الشرع الإلهي ناطق ... وعن كل مذموم من القول صامت
وحينما ألف كتابه غالية المواعظ، ومصباح المتعظ وقبس الواعظ،