محمد بن إبراهيم الوزير في عواصمه، نعم انحرف عنه علماء مكة لهذا السبب ولله در القائل:
ألا قل لمن بات لي حاسداً ... أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في فعله ... لأنك لم ترض لي ما وهب
ومع هذا فهم إذا أشكلت عليهم مسألة دسوا إليه من يسأله فيجليها لهم؛ وقد نشر الله تعالى له من الصيت وحسن الذكر ما ملأ الآفاق، وما ضره حسدهم ولا تمالؤهم على غمط فضائله والاتفاق، على أنه طاهر السريرة صافي القلب من داء الحسد، والحقد وكان عند ملوك مكة هو العين الناظرة، منزولاً عندهم في أرفع المنازل، ملحوظاً بعين الإجلال في جميع المحافل، وفي آخر مدته خرج من مكة إلى اليمن وكان وصوله إلى زبيد سنة ألف ومائتين وثلاث وأربعين، وتلقاه شيخنا الحافظ السيد عبد الرحمن بن سليمان الأهدل وجعل نفسه له مقام التلميذ وأجله غاية الإجلال، ثم ترجح له المسير نحو الشام وأنشد لسان حالهم قول بعض الأنام:
أيها السائر عنا عجلا ... إنما سرت فما عنك خلف
إنما أنت سحاب هاطل ... حيثما صرفه الله انصرف
ليت شعري أي قوم أجدبوا ... فأغيثوا بك من بعد التلف
وكانت ولادة المترجم سنة عشر ومائتين وألف.
وقد ذكر صاحب النفس اليماني لصاحب الترجمة، ترجمة حافلة قد ذكرت حاصلها وهو: شيخنا السيد العلامة الإمام ذو المعارف الربانية، والمواهب الرحمانية، صفي الإسلام أحمد المغربي الحسيني، وفد إلى مدينة زبيد سنة ألف ومائتين وأربع وأربعين ناشراً فيها ما منحه الله من علوم أسرار الكتاب والسنة، وكاشفاً عن إشارتهما الباهرة، ولطائفهما الزاهرة، بعبارته الجلية المشرق عليها نور الاذن الرباني، واللائح عليها أثر القبول الرحماني، كما قال ابن عطا: من أذن له في التعبير، فهمت في مسامع الخلق عبارته،