الدارين سيد بني آدم. وعلى آله وصحبه. ومن تعلق بحبه. ما اكتحلت عيون الطروس بمراود الأقلام. وقلدت نحور الدروس بعقود ألفاظ العلماء الأعلام. وبعد فإن الفكر والخيال. دخلا بي إلى رياض ضاع زهرها فنم عليه النسيم ودار عليه الماء الزلال. أكلها دائم وظلها. كأنما قابلت مرآتها جنة النعيم فانطبع فيها مثالها وشكلها. فتلقتنا عوديات طيورها بالصدح. ومجامر كمائم ورودها بالنفح. وزهرها بثغر باسم ونهرها بقلب صافي. وأدواحها ببسط بساط البسط من ظلها الضافي. وقامت لنا الأشجار على سوقها. وسفرت لنا عرائس الورود على لثام غبوقها. وأدارت علينا سلاف طلها كؤوس الزهور. قبل أن ترشفه شمس البكور. وحيتنا راحة الراحة والسرور. بأصابع المنثور. وغنت لنا مطوقات شواديها على العيدان. وأعربت وهي عجماء بفنون تمايلت لها قدود الأفنان. حتى لو سمعها ركب العشاق. على النوى لنسي الحجاز والعراق. وتمنى الدخول لذلك البستان. ورقصت بين أيدينا جواري الماء. وظهرت مع وجود شمولنا وبدورنا نجوم النبات حتى ظنناها نجوم السماء. ولاح لنا عارض الغيث وشارب الآس فاذكر العيش السالف. وطاف النسيم بكعبة صفانا طواف القدوم فما كان ألطف ذلك الطائف. غير أننا كنا نسمع محاورة. ضمنها منافرة ومحاضرة. فسألنا الرياض عن جلية الأثر. فقالت سلوا النسيم فقد أصبح عند النسيم الخبر. فوجهنا وجه السؤال الوسيم. إلى قبلة النسيم. فتدلى وتدلل. وما ألطف النسيم إذا تعلل، ثم مر بنا مقبلاً ومقبلا، وكلما مر حلا، وقال يا أهل الفراسة والسياسة، والفتوة والمروءة والحماسة، إنها منافسة بين الماء والهواء أوجبها حب انفراد كل منهما عن صاحبه بالرياسة، فهل تنعمون بحضورهما لديكم، ومثولهما بين يديكم، ليعرض كل ماله من حسن الأوصاف، وتحكموا بينهما بالعدل والإنصاف، فقلنا لا نكره ذلك ولا نأباه، فهلم بهما إلينا