آدم من ذريته، هذا وما خصني الله به من المزايا يعجز عنه فم الدواة ولسان القلم وصدر الرقيم، وفوق كل ذي علم عليم، وأما أنت فحسبك عيباً قول بعض الأدباء، فلان كالقابض على الماء، وبالله قل لي أي فخر لمن يعز مفقوداً، ويهون موجوداً، ومن إذا طال مكثه، ظهر خبثه، وإذا سكن متنه، تحرك نتنه، ومن نبع من الصخور، ومر مذاقه في البحور، وشرق به شاربه، وغرق فيه مجاوره ومصاحبه، وعلت فوقه الجيف، وانحطت عنده اللآلىء في الصدف، وقد بان الصحيح من السقيم، والمنتج من العقيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم. ثم انحدر من منبره، ووعينا ما سرده من مفخره، وقال للماء، هات يا أبا الدأماء، فعلا الماء بموجه، حتى صعد إلى ما انحط عنه الهواء من أوجه، ولولا الأرض تملكه لسال، لكنه تجلد وأقبل علينا وقال، الحمد لله الذي خلق كل شيء، وجعل من الماء كل شيء حي، أما بعد فقد سمعت جعجعة ووعوعة ظننتها صرير باب، أو طنين ذباب، باطل في صورة حق، وسراب إذا تأملته زال وانمحق، فاسمع أيها الهواء ما أتلوه من آيات فخري الشامل، وما أجلوه عليك من عقد فضلي الذي أنت منه عاطل، " وقل جاء الحق وزهق الباطل "، اعلم أولاً أن الدعوى قبيحة، وإن كانت صحيحة، كما قيل:
وما أعجبتني قط دعوى عريضة ... ولو قام في تصديقها ألف شاهد
فكيف إذا كانت بالزخارف مموهه، فهي أقبح من الخلقة المشوهة، ولعمري لا يروج الدرهم المغشوش، وإن أحكموا فيه أنواع النقوش، لاسيما إذا كان الناقد بصير، ولا ينبؤك مثل خبير، هذا وقد سردت