للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقصر شهدت فضلاء الأكياس، بأنه جمع محاسن الدنيا كما جمع صاحبه محاسن الناس، فكنا كما قال القاضي الفاضل:

فتمتعت آمالي بمولى هو الورى ... ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر

ثم أمر لنا بالجلوس، هذا وعطف كل منا من الطرب ينوس، فأقبلت علينا ذات الدولة وبنت الوجاق، التي كلما مرت حلت، وكلما ثقلت خفت، على كل من رشف منها وذاق، السمراء المعشوقة، المقبولة مشروبة ومرثية ومنشوقة، بنت اليمن واليمن، ذات الجمال والحسن،

كسواد العيون تظهر للنا ... س سواداً وفي الحقيقة نور

التي أرخصت الغالية وكانت ندها، وملكت عنبر الطيب فأصبح يقول لا تدعني إلا يباعدها، وغارت بكر السلاف حتى اصفرت من غيرتها، وأصبحت عجوزاً شمطاء ما رآها راء إلا وقد طاب وجهه من قباحة صفرتها، وأين بنت الحرام من بنت الحلال، وأين جونة المسك من قوارير الأبوال، فأخذنا تلك البنية بالنية الصافية، وشربناها فقامت بها دعائم العافية، ولم نزل نرشف منها ذوب المسك ومحلول السبج، حتى جاءتنا قصبات السبق للسرور تنادي ما على من أحرز قصبات السبق وتاه من حرج، فيا لها قصبات تدهش الأبصار، كأنها أغصان بان في طرف كل غصن زهرة من جلنار، وقد اشتمل مجلسنا على كل نديم له صورة الدمية ونفحة الريحانة، ونشوة السلافة ولطافة الدرة اليتيمة والجمانة،

<<  <   >  >>