للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العادلة، ومخالفة للإنسانية والمدنية، وبما أن الله سبحانه قد كلف عباده العدل والإحسان، وأمرهم أن يتجنبوا الجور والغدر، وبما أنه فرض على ذمة ولي الأمر إنفاذ الأوامر الإلهية على الدوام، فقد تعلقت الإرادة السنية بأن تجري على الفور المعاملات التي يقتضيها الحال في هذا الباب، فأصحاب الجنايات قد لقوا تأديبهم وتربيتهم جزاء لقبائحهم وذنوبهم التي ثبتت لدى التحقيق بالبراهين الكافية، والذين أفلتوا من المجازاة الدنيوية فإنهم ينتظرون بالندم عقاب الآخرة على ارتكاباتهم، ثم لا يخفى أنه من آثار تلك الواقعة، هو أن المظلومين المصابين هم محرومون أموالهم وبيوتهم وأشياءهم، وأن كثيراً من التبعية السلطانية لا محل لهم ولا مأوى يتعيشون من الإعانة المعطاة لهم من طرف الدولة العلية، ولما كان استحصال الأسباب لإصلاح أحوال هؤلاء المصابين ورفع اضطرابهم من أخص مرغوبات الدولة العلية كان يجب على أهالي دمشق وأهالي الإيالة قاطبة صرف الهمة والجهد في هذا الباب، لأجل تطهير وطنهم من هذه النقيصة التي عرضت له، وبناء عليه ينبغي أن يعطى هؤلاء المصابون المسيحيون مبلغاً كافياً من الدراهم لأجل تعمير بيوتهم وترميمها، ولأجل سد احتياجاتهم الضرورية، وتيسير لوازمهم، ومع أن أمر تحقيق متلفاتهم هو مباشر فيه الآن، ومعلوم أن إيفاء جميع تضميناتهم دفعة واحدة من الأهالي هو خارج عن دائرة الإمكان، وأن أمر تسوية ذلك من طرف الخزينة هو مما لا يساعد عليه الوقت ولا الحال، ومن ثم قد حصل القرار على طرح ضريبة فوق العادة على أهالي مدينة دمشق نفسها، وأهالي النواحي الأربع التي في جوارها، والقضاوات التابعة لها، وعلى طلب إعانة من بعض المحلات، وقد أعلنت صورة طرح ذلك وطريقة استيفائه في قرار مخصوص، فالدراهم المطلوبة الآن ضريبة فوق العادة، ربما

<<  <   >  >>