ظهرت في أول الأمر كثيرة، إلا أنها تظهر لا محالة قليلة، إذا قيست بالجناية الواقعة، وحسبت القسامة الشرعية عن المقتولين الذين لا يعرف قاتلوهم، لأنه في دمشق لم يتلف المال فقط، بل أريق دماء كثيرين أيضاً كما لا يخفى، وبما أن أمر التعمير وتضمين الضرر الذي لحق بمسيحي دمشق هو من مقتضيات معدلة الشرع والقانون، تكون الدراهم التي تعطى لذلك إيقاء وظيفة وخدمة عائدة إلى المعدلة، وتكون المساعي التي تصرف وجوباً لإصلاح أحوال المصابين واسطة لتطهير ذلك القطر من وصمة الدم المظلوم الذي التطخ به، ووسيلة لزوال عارض الكساء الذي اعترى صنائعه وتجارتهن وبما أن باب الدعاوى والمحاكمات من جهة الوقوعات السابقة قد أضحى من الآن فصاعداً مغلقاً كما تبين في إعلان آخر، فمهما بذل طمعاً في استحصال كذا نتيجة لا يكون شيئاً كثيراً، وإذا كان ما طرح على كل إنسان مطابقاً لقاعدتي العدل والحقانية، لا ينبغي لأحد أن يستصعب أداء ما يلحقه من ذلك، بل يليق بكل إنسان أن يسمح بخسارة شيء من فخره وراحته بواسطة الحصة التي يؤديها حباً بدفع هكذا بلية، فإنه لا يخل برفعة واعتبار من كانت عادته ركوب جواد مسوم مثلاً إذا ركب برذوناً، ولا باعتبار من اعتاد تناول الأطعمة النفيسة المتفننة أن يقتات بالطعام البسيط، والإنسان العاقل يجب عليه أن ينظر إلى المصيبة التي أصيب بها جاره، ولا يلتفت منعكفاً على خسارته المالية، وليعلم أن تأدية ما توزع من هذه التضمينات في المدة المعينة هو فرض لابد منه، وعلى موجبه يكون إجراء العمل، ومن أظهر أدنى رخاوة أو تهاون في ذلك لا يمضي أدنى وقت عن إجراء تربيته وتأديبه، ولكي يكون ذلك معلوماً لدى الجميع قد نشر هذا الإعلان، لإصلاح أحوال سوريا فأعلموه واعتمدوه كل الاعتماد. انتهى، ثم إن فؤاد باشا