لقد كنت أبكي قبل هذا فراقه ... كما بكت الخنساء يوماً على صخر
فلما أتى بين الأنام بشيره ... وأذهب من بشراه لي غلة الصدر
جعلت مرامي نعته ومديحه ... وكررته في النظم عندي وفي النثر
إليك عروساً بالبديع تتوجت ... وجاءتك تسعى في ملابسها الزهر
ممنعة إلا إليك فإنها ... أتت دون كل الناس بالحمد والشكر
فدم حسناً في منزل العز راقياً ... مدى العمر ما غنى على العود من قمري
فقد جاء تاريخاً بمدحك كاملاً ... هنيئاً بإقبال السرور من الدهر
وكان بعض أدباء مصر ألف مجموعاً في الألغاز فطلب من المترجم أن يقرظ عليه فكتب على حواشيه، ليصون طلعته من عاذله وواشيه:
لله درك من بليغ ماهر ... جمع المعاني في بديع كتابه
سحر العقول بلفظه وبلطفه ... وأبان في معناه عن أنسابه
كلم كنظم العقد يحسن تحته ... معناه حسن الماء تحت حبابه
أعددت للبلغاء تأليفاً غدا ... في فنه يسمو على أترابه
واراك نلت من الحجا حظاً غدا ... لا يستطاع وصوله من بابه
أوفت بك الهمم العلية منزلاً ... مستصعباً صعباً على خطابه
والله يرعى شرح كل فضيلة ... حتى يروجه على أربابه
ألبست عصرك من بيانك حلة ... فمشى اختيالاً في بها أثوابه
يا من له قلم جرى من ثغره الش ... هد الشهي سوى سواء لعابه
تربي على تلك المعاني أنها ... أشفت فؤاداً ذاب من أوصابه
عرفت بلاغتك العميدة عندما اس ... تذللت صعب القول من أهضابه
وظلمت لغزك إذ أبحت رياضه ... رجلاً تعطل من حلي آدابه
فلذا أجاب مقصراً عن شأوه ... إذ كان يعجز عن بلوغ ثوابه