بارع الجمال، حسن التيه والدلال، عالماً ببعض العلوم العربية، مائلاً إلى اكتساب النكات الأدبية، فصيح اللسان، مليح البيان، يحفظ كثيراً من الأشعار التي بها يتفاخر، فلهذا مال كل منهما للآخر، فعند ذلك قال المترجم الشعر الرائق، ونظم الغزل الفائق، فمما قاله فيه، من بديع نظمه وقوافيه، قوله رحمه الله تعالى:
ملكته الروح طوعاً ثم قلت له ... متى ازديارك لي أفديك من ملك
فقال لي وحميا الراح قد عقلت ... لسانه وهو يثني الجيد من ضحك
إذا غزا الفجر جيش الليل وانهزمت ... منه عساكر ذاك الأسود الحلك
فجاءني وجبين الصبح مشرقة ... عليه من شغف آثار معترك
في حلة من أديم الليل رصعها ... بمثل أنجمه في قبة الفلك
فخلت بدراً به ضاءت نجوم دجى ... في أسود من ظلام الليل محتبك
وافى وولى بعقل غير مختبل ... من الشراب وستر غير منهتك
وله في آخر يسمى ريج:
أدرها على زهر الكواكب والزهر ... وإشراق ضوء البدر في صفحة النهر
وهات على نغم المثاني فعاطني ... على خدك المحمر حمراء كالجمر
وموه لجين الكأس من ذهب الطلا ... وخضب بناني من سنى الراح بالتبر
وهاك عقوداً من لآلي حبابها ... فم الكأس عنها قد تبسم بالبشر
ومزق رداء الليل وامح بنورها ... دجاه وطف بالشمس فينا إلى الفجر
وأصل بنار الخد قلبي وأطفه ... ببرد ثناياك الشهية والثغر
أريج ذكي المسك أنفاسك التي ... أريج شذاها قد تبسم عن عطر
معنبرة يسري النسيم بطيبها ... فتغدو رياض الزهر طيبة النشر
وبي ذابل الأجفان كالبيض طرفه ... مكحلة أجفانه السود بالسحر
رشا فاتك الألحاظ عيناه غادرت ... فؤادي في دمعي دماً سائلاً يجري
طويل نجاد السيف ألمى محجب ... شقيق المها زاهي البها ناحل الخصر