الملاح، ويأمن لعمري الخائف، طارق الليل الحائف، وتنسخ بي آية الليل الحالك، وتستنير المسالك لكل سالك، ويمتاز اليقين من الحدس، واليوم من الأمس، ولولاي لم تتحرر مواقيت الصلاة، ولم يتيسر نيل يواقيت الصلات، فتبارك الذي جعل في السماء بروجاً، وأجراني لمستقري بها نزولاً وعروجاً، وجعلني فيها سراجاً وهاجاً، وأوضح لي منها مسلكاً ومنهاجاً، وجل من رفعني مكاناً علياً، وحباني من فضله نوراً جلياً، وأسكنني أوسط الأفلاك، والوسط خير الأمور، ونظمني في سلك العالين من الأملاك، فسائر الأنوار علي تدور، وأحل بفلكي نبي الله إدريس، قطب الوجود في كل زمان، وغيره في هذا المقام النفيس، نائب عنه في هذا الشان، وأقسم بي وبضحاي، وفضلني وأكرم مثواي، فلي القطبية العظمى بين الأنوار، وبطلوعي وغروبي مناط الليل والنهار، ومن مشكاتي أشرق كل نور في العالمين " فتبارك الله أحسن الخالقين " ثم رنت القمر بعين محمرة، ووجنة مصفرة، وقالت عجيب للمملوك يجاري في مسراه الملوك، وللدرهم المصكوك، يباري الذهب المسبوك، أيها القمر القاضي بحدسه، المتغاضي عن معرفة نفسه، كأنك تقول لي بلسان الإشارة إياك أعني فاسمعي يا جارة:
سوف ترى إذا انجلى الغبار ... أفرس تحتك أم حمار
أما علمت أيها المتغالي في الحد، والمتعالي بما ليس في اليد، أن دعواك في النور محض مين وزور، حيث كنت ليلة الميلاد، مرتدياً برداء السواد، فلم أزل أربك بسنائي وليدا، وألبسك من ضيائي ثوباً جديدا، إلى أن اشتد ظهورك وامتد في الآفاق نورك، فإذا كان ليلة الرابعة عشرة من الشهر،