قدس سره إمام الوقت وشيخ العصر علماً وعملاً وزهداً وأدبا، براهينه باهرة، وسريرته طاهرة، وقدمه متين، وعزمه مكين، وكشفه عجيب، وحاله غريب. من الله علي بالاجتماع عليه، والانتساب إليه، في بغداد دار السلام، في حضرة الباز الأشهب، والطراز المذهب، مولانا الشيخ عبد القادر الجيلي قدس سره ورضي الله عنه، وتبركت بخدمته، وتشرفت ببيعته، وتنورت بمشاهدته، وتعطرت بمشافهته، وأخذ ت عنه الطريقة، ولبست منه الخرقة، وتلقيت عنه بعض علوم الشريعة والحقيقة، فهو شيخي ومعيني، وأستاذي، وقرة عيني وملاذي، وعياذي ومحل اعتقادي، وواسطة استنادي، بلى والله، وهو الشيخ الجليل العارف بالله، المتردي برداء الخفاء المشغول بالله عن غيره، السائح العابد الزاهد صاحب المعارف والعوارف، والبركات واللطائف، والعلم الغزير، والقلب المنير، والسر الصادق، والمدد البارق، والحال العجيب، والشأن الغريب، والعلوم العظيمة، والهمم الكريمة، والآداب المقبولة، والكلمات المنقولة، ولنذكر من شعره العالي هذه القصيدة، وهي مما يدلك على مقامه الجليل، ومكانة مكانه النبيل، وها هي:
طف بوادي القدس من نادي تهامة ... وافرش الخدين في أطلال رامة
وانزل الفيحاء فيحا المنحنى ... حيثما أعلى الندى الطامي خيامه
ولك الله إذا وافيتها ... وأنخت الركب فيها بالسلامة
خذ سلاماً لأصيحاب الحمى ... من كئيب حرك الركب غرامه
واذكر السقم الذي أودى به ... علهم أن يرحموا يوماً سقامه
غلبته يوم بانوا شدة ... أوقعت فيه فما شد حزامه
وهو لا زال كما هم علموا ... ثابت الأقدام زين الاستقامة
هجرت أخلاقه حال امرىء ... جمل يوماً وفي الثاني نعامة
باعهم نفساً نأت عن غيرهم ... وعليهم حملت عبء الملامة
وإذا قالوا لها موتي جوى ... أنشدت للموت دحباً وكرامة